مجتمع وحوداث

أنقذوا واحة أوفوس من الأعطاب التي تهددها !

إدريس الفينة ( باحث )
واحة أوفوس، المعروفة أيضًا بواحة زيز، تُعدّ من أبرز وأجمل الواحات في المغرب، حيث تمتد على ضفاف وادي زيز، وتجمع بين الطبيعة الخلابة والتراث التاريخي العريق.

ومع ذلك، تواجه هذه الواحة اليوم تحديات كبيرة تهدد استمرارها كنظام بيئي واجتماعي حيوي، مما يجعلها في وضع حرج يستدعي تسليط الضوء على واقعها الحالي.

من بين التحديات الرئيسية التي تعاني منها واحة أوفوس، الزحف العمراني العشوائي الذي يهدد جمالية المكان ويؤدي إلى تقليص مساحة الأراضي الزراعية. هذا التوسع غير المنظم للبناء يظهر بشكل واضح في أطراف الواحة، حيث يتم استغلال الأراضي بشكل غير مدروس ودون احترام للأنظمة البيئية الهشة. النتيجة هي زيادة الضغط على الموارد الطبيعية، خاصة المياه، ما يؤثر سلبًا على الزراعة التقليدية التي يعتمد عليها السكان المحليون كمصدر رئيسي للرزق.

إلى جانب ذلك، تعاني الواحة من تدهور نظم الري التقليدية مثل “الفقاقير”، التي كانت تمثل أساس الزراعة في المنطقة.

إهمال هذه الأنظمة واستخدامها بشكل غير فعال أدى إلى نقص حاد في كميات المياه المتوفرة للري، بينما ازداد الاعتماد على الآبار العميقة لاستخراج المياه الجوفية. هذا التوجه، على الرغم من أنه يوفر حلولًا قصيرة الأمد، يهدد مستقبل مخزون المياه في المنطقة ويزيد من مخاطر الجفاف على المدى البعيد.

تكرار الحرائق يشكل تحديًا آخر يهدد واحة أوفوس. هذه الحرائق، التي غالبًا ما تكون نتيجة الإهمال أو سوء استخدام النيران، تؤدي إلى تدمير مئات الأشجار سنويًا، وخاصة أشجار النخيل التي تُعدّ العمود الفقري للاقتصاد المحلي. استمرار هذه الظاهرة يضعف الغطاء النباتي ويجعل المنطقة أكثر عرضة للتصحر، ما يهدد باندثار الواحة بشكل كامل في المستقبل القريب.

التلوث والإهمال يضيفان أعباء أخرى على الواحة، حيث تتراكم النفايات في مناطق مختلفة نتيجة النشاط البشري، خاصة في الأماكن القريبة من المراكز الحضرية. هذا التدهور البيئي يجعل الواحة أقل جاذبية سواء للسكان أو الزوار، مما يؤثر سلبًا على جاذبيتها السياحية التي يمكن أن تكون مصدرًا هامًا للدخل إذا ما أُحسن استغلالها.

من جانب آخر، تظل البنية التحتية في واحة أوفوس ضعيفة وغير كافية لدعم احتياجات السكان المحليين أو الزوار. الطرق المؤدية إلى الواحة غالبًا ما تكون غير مهيأة، والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء الصالح للشرب لا تصل إلى الجميع بشكل منتظم. هذا النقص في البنية التحتية يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة ويحد من فرص تطوير المنطقة كوجهة سياحية.

التغيرات المناخية تزيد من تعقيد الوضع في واحة أوفوس، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وزيادة فترات الجفاف إلى تفاقم أزمة المياه وتقليل إنتاجية الأراضي الزراعية. هذه الظروف المناخية تزيد من هشاشة النظام البيئي في الواحة، مما يضع سكانها في مواجهة مستقبل مليء بالتحديات.

إن واحة أوفوس تمثل جزءًا مهمًا من التراث الطبيعي والثقافي للمغرب، إلا أن واقع الحال يكشف عن مجموعة من التحديات التي تهدد استدامتها. إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة وشاملة لمعالجة هذه المشاكل، فإن هذا الكنز الطبيعي قد يصبح مجرد ذكرى في صفحات التاريخ، ما يستدعي العمل الجاد من الجهات المعنية لإنقاذ الواحة وحماية مستقبلها.