مجتمع وحوداث

فاس .. حينما تعانق العراقة الحداثة

عبد اللطيف مجدوب
تشهد مدينة فاس حاليا سلسلة أوراش ضخمة ؛ بمليارات الدولارات ؛ تمس عدة بنيات وقطاعات في مجالات شبكات الطرق والسياحة والثقافة والصناعة والخدمات.. ترتكز معظمها بالمدينة العتيقة وحزامها العام وببعض مداخلها التي كانت ؛ إلى وقت قريب ؛ تعج بحركة المارة والعربات والسيارات ، ما كان حقا تتعطل معه أحياناً حركة التنقل والعبور من منطقة إلى أخرى ، سيما عند نهاية الأسبوع أو حلول أعياد ومواسم.. لكن في راهنية زمان فاس اليوم ؛ واستحضارا لأهمية المنتجعات والفضاءات العمومية في التنفيس عن ساكنة المدينة ؛ جرى تحويل مناطق ورحاب وأسواق شعبية عديدة إلى حدائق ومنتزهات ذات طابقين ؛ خصصت السفلية منها لمرائب السيارات ببصمات معمارية مستمدة من التراث الحضاري العريق لمدينة فاس ، كالزليج والتقاويس الفاسية.

الفضاءات العمومية في التراث

     جدير بالإشارة إلى أن الفضاءات والمنتزهات العمومية بمدينة فاس كانت من الشح بحيث يمكن عدها على رؤوس

الأصابع ، كمنتزه جنان السبيل ، وغابة عين الشقف ، والجنانات التي اشتهرت بها العائلات الفاسية ، ولا نغالي إذا أكدنا بأن "السطح" داخل كل دار يعد ؛ في التقاليد الفاسية العريقة ؛ مرفقا للتواصل الجيران ، ويكتسب أهمية خاصة في "ركن التعارف" وتبادل الخدمات ، سيما في أماسي أيام الجمع ، حيث تُلبس الجارة (مولاة الدار) بنتها أحلى الحلل ، لتقف أمام الجارة الأخرى ، في إشارة للكشف ما إن كانت الفتاة جادة في البحث لها عن عريس ؛ من خلال الأمهات ونسوان الحي .

   فاس مع موعد إفريقي وعالمي

    كشفت السلطات المحلية من جهة ، والمجلس الجهوي لجهة فاس مكناس من جهة ثانية ، عن وجود مشاريع ضخمة ، تم تسطيرها ؛ مواكبة للاستحقاقات الرياضية التي سيحتضنها المغرب في أفقي 2025 ؛ 2030 ، منها بوجه خاص ربط فاس والرباط بخط سككي للقطار فائق السرعة TGV)) ، وتشييد قرى أولامبية نموذجية ، قرب سهل سايس ، وبناء أو إعادة تأهيل منتجعات بكل من صفرو وإموزار ، هذا فضلاً عن مد خط ترامواي بين صفرو وفاس ، إلى جانب أشغال ترميم وتأهيل ملاعب وقاعات رياضية.

ونختم بالإشارة إلى مشاريع بنيوية حيوية ضخمة ؛ تهم الطريق السيار بين فاس ومراكش ، مرورا ببني ملال كشطر أول ، ثم مشروع الشاطئ الاصطناعي ، عبر بحيرات خاصة بالرياضات المائية ، إلى جوار إنشاء جامعة الأرومتوسطية ؛ منفتحة على الصناعات الرقمية ، دون أن نغفل مشروع إنشاء منطقة صناعية بمولاي إبراهيم ؛ متخصصة في تركيب وتجميع قطع غيار الطائرات.

    وتذهب بعض الروايات إلى أن هذا الزخم من المشاريع سيبوئ مدينة فاس مكانة راقية في المعمار الحضاري ; على المستوى الدولي ; والذي يجمع بين التليد والحديث.