تحليل

قذف المحبس: رقصة الديك المذبوح أم هزة ارتدادية لزلزال 1975 ؟!

عبد الرحيم أريري (مدير نشر " أنفاس")

 

في كل جلسة تجمعني مع أصدقاء، إلا و يطرح علي السؤال التالي: كيف تفسر تناسل تحرشات عسكر العصابة بالجزائر ضد المغرب في الآونة الأخيرة؟

شخصيا لا أعتبر عدوان وتحرشات جار السوء ضد بلادنا بالشيء الجديد،( آخرها قذف البوليساريو انطلاقا من أرض الجزائر لمنطقة المحبس بإقليم أسا الزاك بمقذوفات يوم 9 نونبر 2024)، بالنظر إلى أن المنطق الذي يؤطر تعاملي مع عداء دولة العصابة نحو المغرب والمغاربة، يرتكز على منطق فيزيائي. ففي الزلزال لما تحدث الهزة الزلزالية الأولى يكون دمار وخسارات كبيرة، لكن ذلك لا يعني أن الزلزال يتوقف، بل تبقى الهزات الارتدادية مستمرة في الزمن وفي الحوض الجغرافي لمدة معينة.

نفس الظاهرة يمكن إسقاطها على علاقتنا بالعدو الجزائري، إذ أن الهزة الزلزالية الرئيسية حدثت عام 1975 حين احتضنت الجزائر جبهة البوليساريو ومولتها وسلحتها ضد المغرب، بل وقامت عام 1976 باقتطاع جزء من «ترابها» ومنحه لخلق «دولة الجمهورية الصحراوية» الوهمية، وهذا وضع شاذ جدا في العالم.

إذ رغم وجود 63 نزاعا ترابيا بمختلف بقاع المعمور، لم نلاحظ أن دولة تمنح قطعة من أرضها للإعلان عن تأسيس دولة أخرى! بل كل ما نعاينه هو احتمال تدريب «حركات التحرر»، أو احتضان «حكومات المنفى»، أو تمويل كوادرها من طرف هذه الدولة أو تلك. إلا أن الجزائر وإمعانا في إشهار عقيدة الكراهية والحقد والخبث نحو المغرب والمغاربة، أبت إلا أن تكون النشاز.

تأسيسا على هذه البؤرة الزلزالية التي حدثت عام 1975، ظلت علاقة المغرب والجزائر موسومة بزلازل ارتدادية طوال 49 سنة.

الجديد الذي حدث اليوم، هو أن منحنى الهزات الارتدادية تزايدت حدته منذ نونبر 2020، تاريخ تطهير معبر الكركرات من طرف القوات المسلحة الملكية في عملية أمنية سلسة واحترافية مكنت من تأمين المعبر بين المغرب وإفريقيا من جهة، وسمحت للمغرب بدق آخر مسمار في نعش دولة العصابة، عبر إتمام المقطع الصغير من الجدار الأمني لإحكام الطوق نهائيا ضد الجزائر وميليشيات البوليساريو الإرهابية من جهة ثانية.

هذه الحدة في الزلازل الارتدادية ازدادت وتيرتها بعد إعلان الإدارة الأمريكية في دجنبر 2020  عن قرارها التاريخي القاضي بالاعتراف التام للسيادة المغربية على كامل ترابه من طنجة إلى الكويرة، وما تلا ذلك من تحول جذري في مواقف دول كبرى من ملف الصحراء واصطفافها مع الطرح المغربي( إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، إلخ....).

وبالتالي فالمطلوب من المغرب والمغاربة هو الإبقاء على جمرة التعبئة متقدة ومشتعلة لمواجهة المخاطر. فبمثل ما تبقى اليابان معبأة (قيادة وشعبا)، لمواجهة أي هزة زلزالية طبيعية، وهو ما يظهر في تمثل كافة اليابانيين وتشبعهم بالامتثال لقواعد التعامل مع الزلازل (الاحتماء تحت الطاولات، الابتعاد عن الأسقف، التجمع في نقط بالهواء الطلق، التدريب على الإسعاف الأولية لمساعدة مواطنيهم المتضررين...إلخ)، علينا نحن المغاربة كذلك أن نبقى يقظين نعزز الجبهة الداخلية وتحصينها ضد الخطر الزلزالي الجيواستراتيجي الذي يهدد أمن المغرب القومي كل يوم من دولة العصابة بالشرق.