رأي

يوسف لهلالي: اوروبا والعالم تنتظر تحولات كبرى مع إعادة انتخاب دونالد ترامب

خبر إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لولاية ثانية نزل مثل الماء البارد على رؤوس قادة الاتحاد الأوربي، باستثناء رئيس هنغاريا فيكتور اوربان الذي لم يخفي سروره بعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض والذي كان على تواصل معه اثناء الحملة الانتخابية. طبعا الاوربيون خاصة المانيا وفرنسا يعرفون نهج ساكن البيت الابيض الذي يطرح مشكلا لحلفائه أكثر من طرحه مشكل لا عداء الولايات المتحدة الامريكية مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية. فهو لم يتردد مرات متعددة في تذكير حلفائه بضرورة أداء ثمن الدفاع عنهم لواشنطن وان هذا التحالف الأطلسي الذي أسس مع نهاية الحرب العالمية الثانية لن يستمر بدون مقابل.

الاشكال الثاني الذي تتخوف منه اوروبا، هو الحرب الروسية الأوكرانية، وتصريحات ساكن البيت الابيض الجديد الذي صرح اثناء الحملة الانتخابية لرئاسيات انه" لن يصرف أموالا على أوكرانيا لتسترجع الدونباس"، وهو يحيل على الأموال الكثيرة التي وفرتها الولايات المتحدة الامريكية من اجل الدفاع عن أوكرانيا، وذلك في غياب استراتيجية دفاعية على المستوى الأوربي واعتمادها الكبير على مظلة الحلف الأطلسي الأميركية.

المشاكل الدفاعية لاوروبا تقترن في نفس الوقت بالحرب التجارية التي عرفت عن ترامب، وشعار "أمريكا أولا" الذي يقتضي رفع التعرفة الجمركية على المنتوجات الخارجية بما فيها القادمة من البلدان الصديقة مثل اوروبا، ورفع التعرفة الجمركية من شأنه ان يشعل حربا تجارية على المنتوجات الاوربية خاصة القادمة من فرنسا وألمانيا احد اكبر البلدان المصدرة الى الولايات المتحدة الأميركية وهو نفس الوضع سوف يطال المنتوجات الصينية الى الولايات المتحدة الأميركية والتي سوف ترفع تعرفتها بشكل كبير جذا يصل حدود 40 في المائة ، وهو ما يؤشر ان العالم قادم على حرب تجارية ، قالت الصين انه لن تكون مربحة لاي طرف.

لهذا فان إعادة انتخاب دونالد ترامب على رأس البيت الأبيض ليست مجرد تداول لسلطة من رئيس ديموقراطي الى رئيس جمهوري كما كان يحدث في السابق، بل انتخاب الرئيس دونالد ترامب هو تحول نوعي، خاصة ان يريد تغيير سياسة الولايات المتحدة الأميركية مند نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو مصمم على ذلك في كل المجالات خاصة في مجال الدفاع والتسلح ومجال التجارة وهو ما ستكون له انعكاسات على الاقتصاد العالمي وعلى التوجه الجيوسياسي بالعالم.

الاوربيون الذين يعقدون قمة غير مهيكلة اليوم وغدا في ضيافة فيكتور اوربان الذي قال انه سيشرب نخبا بهذه المناسبة وهي عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض. سيكونون امام تحديات مصيرية وهي كيفية الخروج من الحرب الروسية الأوكرانية بأقل الخسائر، وفي حالة تراجع الدعم الأميركي هل بمقدور اوروبا الاستمرار في هذا المجهود العسكري في مواجهة موسكو بدون دعم واشنطن؟

دونالد ترامب كان واضحا وتعهد بإنهاء هذه الحرب بسرعة مع إجبار كييف على تقديم تنازلات للروس. الذي يعتبر ان «هذه الحرب ما كان لها أن تحصل يوما" ويتباهى بعلاقته "الجيدة جد ا" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيسعى على الأرجح إلى تنظيم لقاء ثنائي معه بعد تول يه مهامه في يناير.

وقد اتهم ترامب الأوروبيين باستغلال المظلة الأميركية الدفاعية، مشككا في جدوى حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي يعد حجر الزاوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ الحرب الباردة. ويطالب الحلفاء بأداء مقابل على عملية الحماية هذه التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية.

ومن المنتظر ان تشهد مختلف بؤر العالم بأسيا وامريكا الجنوبية تحولا في السياسة الأميركية ، وبخصوص الشرق الأوسط، من المرتقب أن يعيد ترامب التأكيد على دعمه غير المشروط ، ويبدو حسب مختلف التسريبات انه أعطى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو شيكا على بياض في حربه في غزة ولبنان خلال الشهرين اللذين يسبقان تول يه الرئاسة. لكن ما هي التنازلات التي قدمها لعرب ومسلمي ميشغان وولايات أخرى من اجل التصويت عليه والابتعاد عن الديمقراطيين؟ وهل سيلتزم بهذه الوعود ام انه سيتحول في موقفه من الحرب بالمنطقة؟

أسئلة كثيرة يطرحها إعادة انتخاب دونالد ترامب وتحولات كبرى سوف تشهدها مختلف بؤر التوثر عبر العالم امام رئيس امريكي لا أحد يتوقع قراراته وردود فعله في التعامل مع مختلف الملفات الساخنة.