تحليل

قرار أممي منصف وجنازة ببيت تبون

عمر الشرقاوي (أستاذ باحث)

في أول رد رسمي على القرار الأممي الذي أصدره مجلس الأمن الدولي ليلة الخميس, أشادت المملكة المغربية بتبني المجلس القرار 2756 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، والذي يأتي في سياق يتسم باستمرار الدينامية الإيجابية التي يشهدها هذا الملف المفتعل منذ 2017 بعدما اختفت السيناريوهات الانفصالية من التقارير الأممية. 

صحيح أن القرار الأممي الذي يمدد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة، إلى غاية متم أكتوبر 2025، لا يتناسب مع منسوب الدعم الدولي المتنامي من حوالي مائة بلد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفتح أكثر من ثلاثين قنصلية عامة بالعيون والداخلة، وعدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالكيان الوهمي، لكنه على الأقل قرار يواصل توجهه نحو الإعلاء من كفة المبادرة المغربية في اتجاه جعلها الخيار الوحيد والنهائي لحل هذا النزاع الذي اصطنعه العسكر الجزائري. 

في المقابل وجه القرار شبه تحذيرا لجبهة"البوليساريو" الانفصالية في ما يتعلق بانتهاكاتها المتتالية لاتفاق إطلاق النار وفرضها قيودا على حرية تنقل بعثة "المينورسو"، مطالبا من جديد، الجزائر كطرف معني بالنزاع بالمشاركة في المفاوضات بدل لعبة اختباء فيل وراء إبرة التي يمارسها نظام تبون. 

لا ننسى أن زمن صدور هذا القرار الإيجابي بالنسبة لبلدنا جاء في اللحظة التي تملك فيها الجزائر عضوية مجلس الأمن وهو ما خلف نكسة مضاعفة في بيت الانفصال دفع ممثل الجزائر إلى الانسحاب من جلسة التصويت احتجاجا على التوجه العام لأعضاء مجلس الأمن الذين رفضوا جرهم للتحول لأطراف في النزاع. 

إن القيمة القانونية والسياسية للقرار الذي أصدره مجلس الأمن مهم في هاته اللحظة حيث أنه المرة بعد الأخرى تثبت التوجهات الأممية بأن مبادرة الحكم الذاتي هي الخيار الوحيد والواقعي وذي المصداقية، وهذا الترسيخ والتكرار في قرارات مجلس الأمن يعد توجها إيجابيا ينبغي الحفاظ عليه، وفي نفس الوقت يرسخ فيه إهمال القرار لمطالب الانفصال بالاستفتاء وتوسيع اختصاصات المينورسو، بل تعامل معها بتجاهل واضح. 

لذلك فان القرار الأممي يبدو على الصعيد الاستراتيجي انتصارا ديبلوماسيا لبلدنا، لكنه مخيب لآمال الانفصال وراعيته الجزائر على الأقل لأنه يحرمهم من لذة الأمل ويفرض عليهم الفشل فرضا، ويكفي الرجوع لنبرة الغضب في بلاغ جمهورية الوهم وانسحاب ممثل الجزائر لتتأكد أن المغرب وجه ضربة أخرى للانفصال ووكلائه وحماته ومموليه.