لكي نفهم تفاصيل القضية الفلسطينية، كان جيلنا يقرأ كثيرا، ويتناقش كثيرا، ويختلف كثيرا، ويتناظر كثيرا...
وللكلام عن القضية الفلسطينية، وعن مستجداتها، أو لاعطاء موقف معين بشأنها، كان لزاما علينا أن نطلع على ما يكتب في الصحافة والمجلات الوطنية والعربية. وكنا نواظب على اقتناء " الحرية"، و " فلسطين الثورة"، و " بيروت المساء"، و" اليوم السابع"، و" الكرمل"...الخ....ولم يكن من السهل متابعة ما يجري،أو التحقق من تفاصيله.
غير أن الثقافة السياسية للمرحلة، لم تكن تسمح بأن تكون " جاهلا" بالقضية الفلسطينية. فتشكل الوعي الوطني كان يمر بالضرورة عبر معرفة بعض تفاصيل القضية( ولو بالسمع) في مختلف مجالات التكوين.
لقد انقرضت طقوس القراءة.
وتراجعت هوامش النقاش.
وأصبحت تقاليد " الاستهلاك الاعلامي" تغلب على تحليل الوقائع السياسية.
وفي ذلك كثير من الاستسهال والسذاجة القاتلة.
لست متأكدا أن التاريخ قد يرجع بالوراء لاسترجاع تقاليد الماضي لكنني متيقن بأن " القراية" كانت شرطا أساسيا في تكوين جيلنا، وعاملا حاسما في تأهيل النخبة الوطنية للمرحلة.