التساقطات المطرية التي شهدتها البلاد في الأسبوع الفارط والى اليوم ، أثلجت صدور المغاربة وأعادت إليهم بسمة الأمل التي فقدوها منذ أكثر من سبع سنوات عجاف..
لكن بقدر ما ملأت النفوس فرحة بقدر ما جعلتها تتساءل عن حجم الضياع والهدر المائي؟! وما أحوجنا إليه في هذه الفترة الزمنية حيث الوديان امتلأت وجريانها أنعش النفوس المحتاجة إلى هذه المياه.. لكن أين تذهب هذه المياه واين انتهى جريانها ؟؟ أنها بكل بساطة مياه انتهت إلى حيث لا يجب أن تنتهي إلى البحر الأبيض المتوسط والى المحيط الاطلسي..
أكيد أن حجم الضياع الذي ضاع وذهب إلى البحر يفوق بكثير ما تم تخزينه في هذه السدود، و المنجزات المائية بالمغرب كثيرة ومتنوعة وهامة، وقد اجزم ان حجم المخزون المائي الذي تستوعبه هذه المنجزات يقدر باكثر من عشرين مليار متر مكعب من المياه العذبة..
وأكيد أن هذه الكميه أو أكثر منها بكثيرقد ضاعت وانتهى امرها إلى البحر!! لسبب بسيط هو ان التدبير المائي ببلادنا لم يأخذ بعين الإعتبار إمكانية الإستفادة منها في أماكن هي الأكثر احتياجا لها من غيرها من المناطق..
هل فكرت الدولة جيدا في ربط الوديان ببعضها البعض لأجل الإستفادة من مخزون مائي جيد في مناطق أخرى، ما نعرفه عن التساقطات المطرية في المغرب آنها مضطربة جدا وغير مستقرة ولا ثابتة ،فقد تسقط الأمطار في فاس ولا تسقط في مكناس أو أفران أو تاونات وهي مدن إقليمية تتبع نفس الجهة، فما بالك بهطولها في أگادير وغيابها في تزنيت!؟ ثم أنّ التساقطات المطرية غير خاضعة لمنطق الفصول،إذ يحدث أن تمر الليالي الشتوية جافة دون قطرة ماء واحدة، وقد يحدث ان تتأخر التساقطات إلى وقت متأخر من فصل الربيع كما هو حال هذه السنة، لذلك فإني أدعو وزارة التجهيز والماء إلى البدء في مشروع تجريبي لربط أودية الجهات ببعضها البعض في أفق الربط بين الأحواض المائية للمملكة..
اكيد ان هذا الربط سيكون له منافع كثيرة وكبيرة جدا على المواطن المغربي، واكيد أيضا ان المغاربة قد انتهجوا سياسة حماية مزروعاتهم عبر حفر آبار كثيرة ساهمت بشكل او بآخر في الندرة المائية التي تعرفها بلادنا حاليا، لكنها مكنت المغاربة من محاصيل زراعية وغذائية ساهمت في وفرة المنتوج وفي تصديره إلى الخارج ..وقد أذهب إلى القول انها تدر على البلاد مداخيل تقارب السبعة مليارات من الدولارات إذا لم يكن الرقم اكبر من ذلك..
نحن الآن مطلوب منا ان نتهيأ لسنوات من الجفاف ولا سبيل لنا لتجاوز ازمة المياه والجفاف المرافق لها غير انجاز قنوات دائرية تربط بين أودية الحوض المائي الواحد ثم الربط الوطني بين الأحواض،
يتطلب هذا من الدولة ان تعيد بناء سياساتها الترابية الجديدة طبقا لهذه النظرة التي تجعل ازمة الماء قليلة التأثير نسبيا على الحكامة والتدبير المائي في سنوات القلة ،وتمنح المجتمع المغربي مزيدا من الطمأنينة على أمنه الغذائي في أفق نهاية القرن الحالي أوالذي يليه..