فن وإعلام

الأندلس...

محمد بهضوض ( باحث و كاتب)
هل غزا العرب اسبانيا عسكريا، فعلا؟ سؤال غاية في الغرابة والجرأة، لم يكن -حسب علمي- ليطرح على بال أحد، في العالم العربي والاسلامي، إلى حين. وهذا من فرط بداهة الجواب الذي ترسخ في هذا العالم منذ قرون حول هذا الموضوع.

لكن المؤرخ الاسباني، اينياسيو أولاغ، يقول العكس في كتابه أسفله. حيث اعتمادا على وثائق ومعطيات تبدو دقيقة استقاها من الأرشيف الإسباني الضخم حول الاندلس، اعتبر مؤرخنا أن الغزو العربي إياه لم يكن غزوا عسكريا بل ثقافيا!

لقد جاء على حد قوله "عن طريق ثورة ثقافية، وتحول في المضمون الديني". القائم في اسبانيا، وهو الذي نتج عنه تلاقح الاسلام مع الفرع الارياني للمسيحية. ما يفيد ضرورة فهم تاريخ الأندلس من الزاوية الدينية لا من زاوية "الأساطير" الشائعة.

حيث لفهم اسبانيا عصر الوسيط، يجب، في رأي الكاتب، استحضار كيف قام "الأريانيون" (les ariens) المسيحيون (الذين لا يعترفون بألوهية المسيح)، بإزاحة الكاثوليكية عن السلطة خلال القرن 8،. للحلول محلها.

كيف تم ذلك، والاهم كيف تمكن هذا التداخل او التفاعل الإسلامي-المسيحي المركب من إنشاء حضارة مركبة بدورها، فريدة من نوعها، في الأندلس التي في خيالنا، خلال العصر الوسيط؟ هذا ما يفرض الاطلاع على الكتاب.

لكن المؤكد أن أطروحة الكتاب العامة تفنذ الفكرة الشائعة عن الاسلام، والتي تقول إن الاسلام كان ضد الحضارات السامية والهند-أوروبية. وهذا لتستنتج من المعطيات المقدمة أن الحضارات يمكنها أن تتفاعل لخلق مركب هيجلي ثالث.

لست مؤرخا، ولا أدري ما المصداقية العلمية لهذه الأطروحة، وكيف سيتم استقبالها في العالم الإسلامي. لكنها أطروحة أكاديمية جادة في مجالها، وثورية في طرحها. مع بقائها مفتوحة ،طبعا، امام المؤرخين للإضافة والاختلاف وعلى رأي العامة "عش نهار، تسمع خبار"!