تنظم دار الشعر بتطوان ندوة وطنية حول "الفاجعة بين الآداب والفنون"، يوم السبت 30 شتنبر الجاري، بفضاء مدرسة الصنائع والفنون الوطنية، ابتداء من الخامسة مساء.
ويشارك في هذه الندوة الجامعي المغربي عبد الإله الخليفي والناقد والمترجم عز الدين الشنتوف والناقد والمترجم محمد آيت لعميم. كما يشهد اللقاء قراءات شعرية لقصائد حول فاجعة الزلزال، بمشاركة إدريس الملياني ولطيفة تقني ومحمد بشكار.
يفتتح اللقاء عز الدين الشنتوف متحدثا عن شعرية الفاجعة، وهو مترجم "كتاب الفاجعة" لموريس بلانشو، متوقفا عند ارتباط الكتابة بالفاجعة، وعن ممارسة الكتابة بوصفها شكلا من أشكال التفجع، مستعرضا مختلف المقاربات الفكرية والتمثيلات الشعرية للألم الإنساني.
أما عبد الإله الخليفي، المتخصص في الآداب الأوروبية والرواية المغربية المكتوبة بالفرنسية، فسيرحل بنا لتفقد آثار الفواجع والكوارث بين الفنون السردية والبصرية، قبل أن يتوقف موقف الناقد المتخصص عند رواية "أكادير" لمحمد خير الدين، التي استلهمت زلزال أكادير مطلع الستينيات من القرن الماضي، لتكشف لنا آثار الدمار على الكائن الإنساني، وعلى كتابته ما دامت الكتابة أكثر أشكال الإبداع تعبيرا عن ضمير العالم.
وفي مداخلة بعنوان "الكتابة والخراب.. هشاشة الكائن ورعب النهاية"، يستحضر آيت لعميم سرديات الخراب وشعرياته، في الأعمال الروائية كما في الفنون التشكيلية والمسرح والسينما.
مثلما يقدم المتحدث قراءة في مختلف ومؤتلف القصائد المغربية التي انكتبت في زمن الفاجعة الراهنة، بوصفها منعطفات فارقة في تاريخ الشعر المغربي المعاصر...
وتمثل الفاجعة الباعث الأول على تأليف الأعمال الأدبية والمظان الشعرية الكبرى والمؤسسة التي تخلقت من قلب الفجيعة، فجاءت الإلياذة في مواجهة الطاعون والأوديسة في أعقاب حرب طروادة، وملحمة اتراخاسيس بعد القحط الذي أصاب بلاد ما بين النهرين... بل إن النص المؤسس للشعرية، وهو كتاب "فن الشعر" لأرسطو، إنما انطلق من الفاجعة، حيث يرى المعلم الأول في المسرحية الشعرية "أوديب ملكا" النموذجَ الأمثلَ لكتابة التراجيديا.
وقد استغرقت هذه المسرحيةُ أغلبَ الشَّوَاهِدِ التي أَوْرَدَهَا في "فن الشعر". على أن هذه التراجيديا المرجعيةَ إِنَّمَا تَسْتَمِدُّ تَفَوُّقَهَا الجماليَّ من موضوعها الذي هو "الطاعون"، ومِن التفسيرِ الشعري الذي تقترحه لفهم المصير الإنساني، ما دام الشعر مرتبطا بسؤال الوجود.
وقد مثلت مسرحية سوفوكليس هذه محاولةً متقدمةً لاستيعاب الوباء، مثلا، وَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُفَّ عن الفتكِ بالبشرية، والوثوق في استمرارية الحياة... وهكذا، تُجَدِّدُ الحياةُ نَفْسَهَا، إِثْرَ كُلِّ فاجعة ووباء، ويُجَدِّدُ الشعرُ تجربتَهُ مع الحياة وفي مواجهتها.