عزيز لعويسي
ينطلق، ابتداء من 5 يونيو وإلى غاية 15 شتنبر، قطار عملية “مرحبا 2023″، التي ظلت عبر سنوات، جسر عبور بين مغاربة العالم ووطنهم الأم، وقناة لا محيد عنها، تمكنهم من تذويب جليد الغربة، عبر تجديد الود والمودة مع الأهل والأحبة والأصدقاء، وتمتين العروة الوثقى التي لا انفصام لها مع الوطن. ومناسبة لربط الأبناء بأرض الآباء والأجداد، وجعلهم ينهلون عن قرب، مما يزخر به الوطن من موروث حضاري وثقافي، ومن عبق تاريخي ضارب في القدم، وما ينفرد به من قيم اجتماعية وإنسانية، تنصهر مجتمعة في بوثقة “تامغرابيت”، التي ترافق المغاربة قاطبة كالظل، أينما حلوا وارتحلوا.عملية مرحبا هي أيضا “موسم سنوي”، تجدد فيه الجالية ليس فقط، الوصال مع الوطن، بل وتساهم في خلق دينامية اقتصادية داخلية، سواء تعلق الأمر بجلب العملة الصعبة، أو بما تنتجه من رواج تجاري طيلة العطلة الصيفية، وما تحدثـه من مشاريع تجارية وخدماتية، منعشة لســوق الشغل، ومعززة للتنمية في أبعادها الجهــوية والمحلية، ويكفي قولا، أن الكثير من المدن والمناطق المغربية، ما كان لها أن تنمو وترتقي في سلم التنمية، لولا أفراد الجالية؛
والحديث عن الأدوار المتعددة الزوايا التي تضطلع بها الجالية المغربية، على مستوى الإسهام في بناء ونماء الوطن، لن يكون مانعا أو عائقا، دون توجيه البوصلة كاملة نحو ما يواجه هذه الجالية، من صعوبات ومشاكل وإكراهات، سواء في بلدان المهجر، أو على مستوى سفارات وقنصليات المملكة بالخارج، أو على مستوى عمليات العبـور عبر الحدود، ومشكلة غلاء التذاكر، أو فيما يعترضهم داخل أرض الوطن، من تعقيدات إدارية ومسطرية وقضائية وغيرها.
رؤية تروم إدماجها في مسار التنمية .
الاهتمام بالجالية المغربية، لن يتحقق على أرض الواقع مهما تم الاجتهاد في تجويد “عملية مرحبا”، ولابد من إرساء استراتيجية متعددة الأبعاد بخصوص مغاربة العالم، تستحضر كما ورد في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب، “الإطار التشريعي” و”السياسات العمومية المتناغمة مع خصوصياتهم“، و”المساطر الإدارية المتناسبة مع ظروفهم“، و”استقطاب المستثمرين من أبناء الجالية ومواكبة مشاريعهم الاستثمارية“، و”التأطير الديني والتربوي” و“مواكبة الكفاءات والخبرات المغربية بالخارج“، مع “إعادة النظر في الإطار المؤسسي الخاص بالجالية“، بما يحقق النجاعة والتكامل.
ونتساءل ماذا تحقق على أرض الواقع لفائدة الجالية، بعد ما يقارب سنة، من التوجيهات الملكية السامية التي تضمنها خطاب ذكرى 20 غشت؟ ولا نمتلك عناصر الجواب، لكــن تتبعنا للشأن السياسي والتشريعي، وما نتلقاه من بعض أفراد الجالية من أصداء ومواقف، وما نتابعه عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، من مشاهد لمغاربة من أبناء المهجر، يحكون ما تعرضوا له من مشاكل ومضايقات وتعقيدات إدارية، وبعضهم، لا يتردد في رفع تظلمه إلى ملك البلاد طلبا للعدالة والإنصاف، كلها مشاهد وصور من ضمن أخرى، تعطي الانطباع أن “دار الجالية لازالت على حالها”، وتبقى كرة المسؤولية ملقاة في مرمى “الحكومة”، التي لابد أن تستعجل أجرأة وتنزيل ما ورد في الخطاب الملكي السامي من توجيهات، من أجل جالية مغربية، لا تنسى ولن تنسى الوطن رغم متاعب ومحن الغربة، ولابد للوطن أن يحتضنها بمحبة ومودة واحترام وتقدير واعتبار…، عبر إحاطتها بمنظومة تشريعية ومؤسساتية وسياسات عمومية ناجعة، داعمة لمغرب جديد “فخور بكل أبنائه”