مجتمع وحوداث

جرائم في الذاكرة (23)... سفاح شاطئ الداهومي ببوزنيقة.. يقتل ضحاياه ويدفن الجثث في الرمال

عبد الكبير المامون

يختزن أرشيف المحاكم عددا من الملفات هي لجرائم شهدها مجتمعنا المغربي، وأثارت اهتمام  الرأي العام لبشاعتها، ولا تزال محفورة في الذاكرة. وقد اخترنا بعضا منها لنعيده إلى الواجهة.
ليس الغرض من إعادة استعراض هذه الجرائم التركيز فقط على ما سببته من مآسي،  لكن الهدف الأساسي استخلاص العبر منها لتكون درسا لنا في حياتنا، قبل الأقدام على أي فعل قد يرهن حياتنا في لحظة لا ينفع معها الندم.
الحلقة 23
سفاح شاطئ الداهومي ببوزنيقة...كان يقتل ضحاياه و يدفن جثثهم بالرمال.
ادانت غرفة الجنايات الابتدائية بالدارالبيضاء، الأربعاء 20 نونبر من السنة الماضية، ثلاثة متهمين من بينهم فتاة في جرائم قتل، أشتهرت بجرائم "سفاح شاطئ الداهومي ببوزنيقة" التي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص من بينهم فتاة ومواطن تونسي.
وقضت المحكمة في حق المتهم الرئيسي "نوفل / ك" البالغ من العمر 28 سنة و شريكه "هيثم/ف" من مواليد 1999 بالإعدام، في قضت في حق المتهمة "سكينة/خ" المتابعة في القضية نفسها، والبالغة من العمر 29 سنة، بالمؤبد من أجل جنايتي المساهمة في القتل العمد مع سبق الإصرار وارتكاب أعمال وحشية لتنفيذ فعل يعد جناية.
وجاء حكم المحكمة، بعد متابعة المتهمين المنحدرين من مدينة بوزنيقة بارتكاب جناية القتل العمد الذي اعقبته جناية السرقة بالتعدد وحمل سلاح ظاهر والمساهمة في السرقة المقترنة بظروف التعدد والليل واستعمال التسلق والكسر والمساهمة في إضرام النار عمدا في بيت معد للسكنى وهتك عرض أنثى باستعمال العنف مع الاستعانة بشخص أخر.
المتهم الرئيسي في القضية التي اهتز لها الرأي العام المحلي والوطني نهاية شهر اكتوبر من سنة 2018، أكد خلال جلسة النطق بالحكم، اعترافاته بمحاضر الدرك الملكي بالمركز القضائي التابع لسرية الدرك ببوزنيقة حول المنسوب إليه من "أفعال إجرامية خطيرة يعاقب عليها القانون"، كما تمسك بأقواله بخصوص "ارتكابه لجريمة القتل وجرائم أخرى بمشاركة ابن خاله وخليلته"، بشاطئ الداهومي ببوزنيقة.
بطل هذه القصة المرعبة التي اهتزت على وقعها ساكنة مدينة بوزنيقة ومعها الرأي العام الوطني  ليس ككل الشباب، بمستواه الدراسي الضعيف، وعدم مزاولته لعمل قار، وحالته الهشة رفقة والدته التي كان يعيش معها من بيع الخبز بشاطئ الداهومي، بأحد “الكابانوات” المتواضعة التي ورتثها من زوجها الثاني، سيدفع الأخير لتطوير حسه الإجرامي بعد بلوغه العشرينات، ويقرر بذلك تعاطي السرقة من أجل توفير المال دون أن يفتضح أمره، نظرا لقدرته على محو كل ما من شأنه ان يورطه.
مرت السنوات إلى أن انتقل ابن خالته للعيش معه قادما من مدينة وزان، ويتعرف بذلك على نشاطه في السرقة، ويتفق الاثنان على مواصلة سرقة المساكن المجاورة، إلى أن قررا مداهمة مسكن بحري في شهر أكتوبر من سنة 2018، بعد احتسائهما للخمر، ليتسللا من نافذة منزل رجل من جنسية تونسية كان قد استقر رفقة زوجته بالمغرب، ويباغتانه ليلا مشهرين أسلحتهما البيضاء، و عمد المدعو (هيثم .ف) على وضع سكين في بطن الزوجة مهددا اياها بالقتل في حال صراخها، فيما توجه الثاني (نوفل.ك) عند زوجها مهددا اياه بتسليم ما بحوزته من مبالغ مالية إلى جانب مفاتيح السيارة، الا أن الضحية حاول مقاومة الجاني الذي وجه طعنات متتالية أصابه بها على مستوى الرأس واليد بمشاركة قريبه الذي كان يحتجز الزوجة داخل غرفة النوم، والذي تدخل هو الآخر للاعتداء على الزوج بعدة طعنات على مستوى العنق والوجه، كانت سببا في سقوطه أرضا وسط بركة من الدماء، ولثنيهما على مواصلة الاعتداء الشنيع مدتهما زوجة التونسي بمبلغ 7000 درهم، كانت بحوزتها، ورغم ذلك لم يتوقفا عند هذا الحد، بل عمدا على تكبيلها بواسطة ثيابها، غير مكترثين لكل توسلاتها أو سنها، وبعد ذلك سارعا للاستيلاء على أربعة هواتف نقالة وحاسوبين محمولين ومفاتيح سيارة زوجها من نوع بيجو 607 كانت مركونة قبالة ” الكابانو”، والتي حاولا سرقتها الا أن الحظ لم يحالفها بعدما منعهما حائط أسمنتي، قبل أن يلوذا بالفرار تاركين الرعب وراءهما، في ليل حالك ازداد حلكة مع الجريمة التي اعقبت السرقة والاستلاء و...
أحداث الليلة الحالكة استمرت بعد اكتشاف الزوجة المكلومة التي لم تكن يوما تتصور بعد عودتها من فرنسا ان تتعرض رفقة زوجها لابشع اعتداء، أن هذا الاخير أصبح جثة هامدة، لتصرخ بأعلى صوتها طلبا للنجدة من السكان المجاورين لها، وتشعر رجال الدرك الملكي بما وقع.
خيوط هذا القصة ستنفك بعد انتقال رجال الدرك الملكي بسرية بوزنيقة لمكان الحادث في اليوم الموالي، ومباشرتها للتحريات التي توصلت عبرها إلى هوية الجناة  واللذان كانا يسكنان بمسكن قريب، وكانا يعرفان الضحايا بحكم انهما يقطنان بنفس المنطقة، ليتم توقيفها رغم  محاولتهما الفاشلة للهرب من أحد السطوح وهم مسلحان بأسلحة بيضاء، ليتم العثور لديهما على مبلغ 900 درهم وسكاكين مختلفة الاحجام و12 هاتفا نقالا و24 قنينة خمر و13 بطريات للطاقة الشمسية ومفتاح سيارة وحاسوبين وحقائب يدوية نسائية إلى جانب خمس لترات من البنزين، لغز هذه القصة سينتهي بعد تعرف زوجة التونسي الضحية على الجناة.
وقائع أخرى بطلها سفاح الداهومي أشبه بأفلام السينما، ستكشفها الأبحاث بعد إعادة تمثيل الجريمة، سيما بعدما تم العثور داخل “الكابانو” الذي كان يقيم فيه هذا الأخير وقريبه على بطاقة تعريف وطنية باسم امرأة  تدعى(لكبيرة.ب)، وبعد ربط الاتصال بشقيقتها أكدت أن الأخيرة مختفية عن الأنظار منذ مدة، منذ توجهها رفقة صديقها عبد الواحد إلى شاطئ الداهومي وأن هاتفها خارج التغطية، وما ان عرضت المحجوزات التي وجدت ببيت (السفاح) تعرفت هذه الأخيرة على حقيبة وهاتف شقيقتها المختفية.
اختفاء شخص آخر يدعى (عبد الواحد. و) ايضا من ابناء مدينة بوزنيقة ومن جيران الجاني كان يرافق (لكبيرة. ب) دفع شقيقه إلى إخبار الدرك الملكي  بالموضوع، ليتبن بعد مواجهة نوفل (سفاح الداهومي) بالمعطيات المذكورة اعترف بجرائمه، وعن طرق قتله لهم، بعدما دلهم على مكان دفن جثة الشابة التي طمرت بالقرب من مرحاض “الكابانو”، وعلى موضع دفن جثة الضحية الثاني تحت الرمال، وبعد استخراج الجثث في مشهد مرعب وسط ذهول وصدمة ساكنة المنطقة التي استنكرت الأمر، تم عرض الجثث على غرفة التشخيص القضائي الذي كشف أن الجناة مثلوا بجثة (عبد الواحد. و) بعدما فصلوا الرأس عن الجسد بطول 32 سنتمر وفصلوا الطرف العلوي عن باقي الجسد وقطعوا الفخد إلى حدود الركبة ثم القدم اليمنى، فيما لم يتم العثور على الذراعين والقدم اليسرى و جزء من الرجل اليسرى، أما جثة المسماة قيد حياتها” لكبيرة ” فقد تبين انها تحمل 46 طعنة غائرة، ستع طعنات على مستوى الظهر و2 على مستوى العنق و16 بالبطن و5 بالرأس والوجه و7 بالصدر وطعنتين على مستوى الرجلين، و3 على مستوى الدبر.
وعن سبب اقتراف الجاني للجريمتين الاخيرتين أكد أنه أيام قليلة قبل اقدامه رفقة ابن خالته على الاجهاز على المواطن التونسي الذي قاما بسرقته، وضع حدا لحياة صديقه (عبدالواحد) بواسطة كأس زجاجي، بعدما طلب منه قيد حياته مده بمفاتيح مسكنه الصيفي من اجل مجالسة خليلته (لكبيرة) مقابل حبتين من أقراص الهلوسة، وكمية من المشروبات الكحولية، ما جعله يربط هو الاخر الاتصال بصديقته (سكينة.خ) المتهمة معه في نفس القضية، من اجل الالتحاق به لحضور جلسة خمرية كان يتخللها صخب الموسيقى واستعمال للمخدرات، ورقصات مجنونة ترتبت عنها جريمة قتل بسبب الغيرة القاتلة، اقدم عليها الجاني راح ضحيتها (عبد الواحد) الذي ستلحقه بعد ذلك خليلته(لكبيرة) بعدما بدأت في الصراخ موجهة الاتهامات للسفاح وعشيقته، ليعمدا معا على وضع حد لحياتها عبر الخنق لمنعها من فضح جريمتهما، ويشرعان في تقطيع جثثي الضحايا مستعملين سكاكين كبيرة الحجم، ويطمرانهما غير بعيد عن المسكن الصيفي.
” سفاح الداهومي” قاتل بالتسلل، قبل اقترافه لهذه الجرائم كان يتعاطى أيضا السرقة باقتحامها ليلا بمعية ابن خالته بعد تكسير اقفال الأبواب، بالإضافة إلى انه في أحد الليالي قام بسرقة جهازين تلفاز وبعض الديكورات باضرام النار في المسكن لمحو آثار الجريمة، كما انه كان يضع قبعة ولثام أسود على وجهه لتجنب التعرف عليه من طرف الضحايا.