فن وإعلام

باطولوجيا القراءة... رجاء أوقفوا هذا العبث

يوسف توفيق

لم تكن القراءة يوما غاية في حد ذاتها، القراءة حلقة بسيطة في مسلسل انتاج المعرفة، الغاية منها استهلاك المعرفة بغية اعادة انتاجها في شكل معرفة جديدة تستفيد من التراكم الحاصل بغية تجاوزه. أفق يتحرك باستمرار وبحث لا يتوقف عن أراض جديدة ترسو عليها سفن القارئ بعد إبحار مكثف في لجج المعرفة، وانخراط متواصل في دينامية التغيير في المجتمع عبر التأطير ورفع منسوب الوعي. وليست القراءة مجرد استعراض باطولوجي هوسي ومحموم لقوائم الكتب، وحصيلة سنوية توضع على الفيسبوك من غير أن نرى لها أثرا مباشرا في بناء الفرد والمجتمع.
ما معنى ان تعلن قارئة عن قائمة بثلاثمائة عنوان أي بمعدل عنوان لكل يومين .. وما هي الكتب التي يمكن التهامها بهذه السرعة؟ وهل الغاية ان نخلق قارئا يقرأ على مدار الساعة وفي كل الاحوال من اجل ان يوافينا في آخر السنة بقائمة من الكتب تظهر عليها جميع الاعراض المرضية والعلامات الباطولوجية علاوة على الفقر المزمن في الرؤية واستشراف المستقبل.
قراءات دون هدي ولا كتاب منير تفتقد الى الحد الادنى من البصيرة والتبصر، عبارة عن خبط عشواء... مجرد هدر للطاقة والجهد سرعان ما يكلل بالتيه وسط صحراء المعرفة.
قبل مريم أمجون ومسابقات تحدي القراءة وقبل أن يظهر الفيسبوك، نظمت رفقة ثلاثة من اصدقائي التلاميذ تحديا للقراءة في صيف 1994 وكانت الحصيلة قرابة مائة كتاب بمعدل ثلاثة كتب كل يوم ..لكن مع الاسف الشديد كانت جميعها كتبا بدون أية قيمة علمية او ابداعية وبدون أي أفق انساني أو معرفي.
رجاء أوقفوا هذا العبث