في المجتمع المغربي، ممارسات عجيبة جدا، فالمغربي لا يسمح بحدوث الشيء له أو لأهله، لكنه يمارسه على الاخرين. الشاب الذي يقف عند ناصية الشارع، يتحرش بهذه و بتلك، ويمارس علاقات جنسية مختلفة مع كل من سمحت له بذلك. تنتهي سنوات مراهقته وطيشه، ويقرر الزواج، يبدأ "بالتخمام" في من ستكون زوجته، طبعا اللواتي عاشرهن سابقا مستبعدات من هذه "التخميمة". ويبقى الحل الوحيد امامه هو الاستنجاد بالأهل لاختيار عروسه، الاهل لا يذخرون جهدا في سبيل أن تكون زوجة ابنهم "كتحمر الوجه"، واهم شيء في "تحمار الوجه"، هو العذرية والطهارة و النقاء وعدم دخول الزوجة المرشحة في علاقات جنسية سابقة. ذلك هو مربط الفرس، اولا وضع الانسة المرصودة، تحت أجهزة المراقبة الدقيقة، متى تنام ومتى تغادر منزل والديها، ومتى تدرس والأفضل أن تكون "جالسة فالدار" لا تدرس. مع من تترافق وأين تقضي وقتها، وربما حتى ماذا تقرأ وماذا تشاهد من أفلام، وفي وقتنا الحالي هل لديها حساب في الفيسبوك. وهل صفحتها نقية ولا يشوبها شائبة.
كل تلك الامتحانات مجبرة تلك المرشحة وهي غير عارفة باجتيازها. بأن تنجح فيها، إن كانت تريد أن تكون مرضية، وتناسب الشاب الذي وضع عينه عليها.
لا يهم أن تكون الفتاة "قارية" أو من أسرة ميسورة، فالكل على الشاب هو المعيار الحقيقي لوجودها. هو من سيعطيها تأشيرة المرور إلى العالم الحقيقي، اما قبل ذلك فهي مجرد جسد ينتظر من يعجب به.
المرحلة الاخيرة والتي أثارت حفيظة الامم المتحدة، هي مرحلة الوصول إلى الزواج وعقد القران، وقبل ذلك على الكل أن يتأكد من عذرية هذه الشابة، طبعا السيد الطبيب، وحده الكفيل بأن يفتح رجليها، وأن يطل برأسه ويمد أصابعه ربما، ليخرج أخيرا ولازالت يده ملطخة، ويقول "البنت عزبة" ولم تمارس الجنس من قبل. وهناك من لا يلجأ للطبيب، بل إلى نساء عارفات بمجاهل الفروج.
الاكيد أن اليوم إنتفت الكثير من هذه المظاهر، مع ظهور جيل جديد من المغربيات مستقلات في قراراتهن. لكن هناك الكثير من المناطق لا زالت تعيش، خارج الزمن وخارج الوقت الحداثي. أسر تعيش القرون الماضية وتتشبث بالبكارة. وتصر على إخراج "السروال" ليلة دخول العريس على عروسه.
على خلفية تلك الإطلالة التي يقوم بها الطبيب من اجل التأكد من عذرية الشابة، دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية المغرب إلى حظر اختبار (العذرية) بالنسبة للنساء المقبلات على الزواج أو لأسباب مختلفة.
وقال تقرير مشترك صادر عن "الصحة العالمية" ومجلس حقوق الإنسان إن "الفحص الطبي الذي يقوم به الأطباء لمعرفة ما إذا كانت الفتاة قد قامت باتصال جنسي مهبلي يشكل صدمة نفسية لها، كما أنه ليس له أي أساس علمي أو طبي".
المصدر ذاته أوضح أنه "لا يوجد فحص يمكن أن يثبت أن فتيات أو نساء كن يمارسن الجنس من قبل"، مشيرا إلى أن "ظهور غشاء البكارة عند فحص فتاة أو امرأة لا يمكن أن يؤكد العمليات الجنسية الماضية أو إن كن نشيطات جنسيا أم لا".
وحذرت الصحة العالمية من العلمية التي تستخدم بطريقتين، إما فحص غشاء البكارة أو إدخال إصبعين في المهبل، وقالت إن "اختبار العذرية انتهاك لحقوق الإنسان للفتيات والنساء، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج وخيمة على صحة جسم المرأة، أبرزها إلحاق الضرر بالجهاز التناسلي، والنزيف والالتهابات".
وأكد التقرير أن من الضروري حظر مثل هذه الفحوصات التي تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في الحماية من التمييز على أساس الجنس، والحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، والحق في التمتع بأفضل حالة صحية ممكنة وحقوق الطفل.
وتابعت "الصحية العالمية"، في تقريرها المعنون بـ"القضاء على فحص العذرية"، بأنه "من غير الأخلاقي بالنسبة للأطباء أو مقدمي الخدمات الصحية الآخرين القيام بهذا النوع من الكشوفات الطبية"، داعية جميع الدول التي تسمح بهذه الممارسات إلى التوقف عن ذلك وإعلام خبراء الصحة، والسلطات العمومية والأفراد، بمخاطر هذه الفحوصات، لاسيما في الدول التي تمارس مثل هذه العادة.
وجاء في التقرير أن اختبار البكارة ينتشر في العديد من البلدان، بما في ذلك البرازيل، ومصر، والهند، وإيران، والعراق، وجامايكا، والأردن، وليبيا، وملاوي، والمغرب، والمملكة المتحدة ومناطق أخرى.






