سياسة واقتصاد

تجديد مهن التربية والتكوين والتدبير.. مدخل أساسي لجودة أداء المنظومة التربوية

كفى بريس: و م ع

يشكل الرفع من مقومات جودة المدرسة المغربية وأدائها ومردوديتها، أفقا حاسما لتجديدها، وضمان جاذبيتها وجدواها، مما يفرض العمل على بناء نموذج مرجعي وطني للجودة، يتم إغناؤه بشكل تدريجي ومتواصل، من خلال مؤشرات متقاسمة وقابلة للملاحظة وشفافة لدى الجميع.

من هذا المنطلق، يقترح تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ضمن الرؤية الاستراتيجية 2015- 2030 لإصلاح المنظومة التربوية، جملة من مستلزمات التغيير تصب جميعها في تحقيق جودة الأداء المهني للفاعلين التربويين على اختلافهم، وتطوير المناهج والبرامج والتكوينات، والارتقاء بحكامة المنظومة التربوية، والرفع من مستوى البحث العلمي والتقني والابتكار.

وفي هذا الإطار تم اقتراح تجديد مهن التربية والتكوين والتدبير، باعتباره مدخلا أساسيا لجودة أداء المنظومة التربوية، بالأساس، يقوم على إعادة تحديد المهام والأدوار والمواصفات المرتبطة بمهن التربية والتكوين والبحث والتدبير، في انسجام مع متطلبات المجتمع والمدرسة والمستجدات ذات الصلة على الصعيدين الوطني والدولي، وجعل التكوين الأساس إلزاميا بحسب خصوصيات كل مهنة، والحرص على تطويره في اتجاه دعم التخصص، ولاسيما في الابتدائي.

كما يرتكز التجديد على تنويع أشكال التكوين المستمر والتنمية المهنية، بما يضمن الحافزية للاجتهاد والمبادرة والابتكار في الأساليب التربوية، فضلا عن إرساء تكوين وتأهيل مدى الحياة المهنية، ونهج حكامة جيدة في تدبير المسار المهني للهيئات العاملة بالتربية والتكوين والبحث، وإعادة تثمين أدوارها ومهامها، ومواكبتها والارتقاء بظروف عملها وبأدائها المهني وبمردوديتها، من خلال تدبير لاممركز، يتم على المستوى الجهوي، بالتدرج وبالتشاور مع الفاعلين وممثليهم في النقابات التعليمية.

إلى جانب ذلك، يقوم التجديد على إرساء تقييم ممأسس يضمن ترقية مهنية مرتكزة على الاستحقاق والمردودية، والالتزام بأخلاقيات المهنة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وعلى مستوى آخر، يقترح المجلس اعتماد هيكلة أكثر تناسقا ومرونة لمكونات المدرسة المغربية وأطوارها، حيث يوصي المجلس بإحداث تغييرات بنيوية في قاعدة الهيكلة الحالية للأسلاك والأطوار التعليمية، بغاية خلق سيرورات منسجمة داخلها، قائمة على إدراج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي، وإلحاق التعليم الإعدادي بالتعليم الابتدائي، في إطار سلك التعليم الإلزامي، وتعزيز الوظيفة التخصصية والتأهيلية للتعليم الثانوي، في إطار الإعداد والتوجيه نحو متابعة الدراسة بالتعليم العالي، أو بالتكوينات المهنية المؤهلة.

كما تقوم هذه الهيكلة على ترسيخ التوجه القائم على ربط التكوين المهني بالتعليم المدرسي، من خلال دمجهما في تنظيم بيداغوجي منسجم ومتناغم، مع تعزيز سيرورة الدمج هاته بإحداث مسارات للتعليم المهني منذ التعليم الإعدادي تنتهي بالتعليم الثانوي التأهيلي بتخصص البكالوريا المهنية، فضلا عن توطيد نظام إجازة- ماستر- دكتوراه بالنسبة للتعليم العالي، وتوفير شروط التفعيل العقلاني الأمثل لهذه الهندسة البيداغوجية الجامعية، في حرص على التنمية المستمرة لمكتسبات الطلبة، وتوسيع الإقبال على الإجازة المهنية في التعليم العالي، مع تنويع التكوينات القطاعية والجديدة.

وبغية تمكين المتعلمين من حركية أكبر في التوجيه وإعادة التوجيه والمتابعة المواظبة للمسار الدراسي والتكويني لأطول مدة ممكنة، والرفع من مستوى التأهيل والإشهاد والقابلية للاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، يقترح المجلس على الخصوص إحداث آليات للتنسيق بين قطاعات التربية والتكوين، على مستوى المناهج والتكوينات، والممرات بين الأطوار التعليمية والتكوينية بمختلف هذه القطاعات، فضلا عن تطوير نظام التوجيه في كل من التعليم المدرسي والتكوين المهني، لضمان تكافؤ الفرص، وتقوية التنافسية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، والإسهام الجيد في معالجة معضلات الهدر، والانقطاع، والتكرار.

كما يوصي المجلس في هذا الصدد باعتماد آليات لمأسسة الممرات والتكامل بين المسالك والتخصصات في التعليم العالي، في أفق بناء نظام وطني للإشهاد، وتجسير العلاقات بين الجامعة والتكوين المهني ومؤسسات البحث، من خلال مراجعة نظام التوجيه والممرات والمسالك الجامعية، بجعله ينسجم مع تنويع العرض في التكوين المهني.

ويقترح المجلس أيضا، إرساء نظام لمعادلة الشهادات المهنية المحصل عليها في التكوينات غير الجامعية، وتخويل حامليها فرص متابعة تكوينهم في التعليم العالي، على أساس معايير علمية ودفاتر تحملات محددة، وتوفير شروط الالتقائية بين برامج محو الأمية وبرامج التنمية البشرية ونظام الممرات، مع برامج ومستويات التعليم العام والمهني، عبر إرساء نظام الإشهاد والممرات.