مجتمع وحوداث

ٱسفي تتأسف وتستغيث

علي الليلي (صحفي)

فيضانات آسفي لم تكن مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل مأساة إنسانية كشفت اختلالات عميقة في تدبير المخاطر.

ووفق بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي، بلغ عدد الضحايا 37 ضحية، وهو رقم ثقيل لا يمكن التعامل معه كمعطى عابر أو قدر محتوم.

الصدمة لم تكن في الأرقام وحدها، بل في حجم الخسائر الإنسانية والاجتماعية التي خلفتها الفيضانات، وفي ما رافقها من شعور عام بالعجز وغياب الحماية، وهو ما يعكس فشلًا واضحًا في حماية الأرواح وفي تدبير الكارثة خلال لحظاتها الأولى.

ما وقع لا يمكن اختزاله في قوة التساقطات فقط، لأن الكارثة لم تكن حتمية. قبل الفيضانات، تتحمل السلطات العمومية، من سلطات محلية وجماعات ترابية ومصالح مكلفة بالتجهيز والتطهير، مسؤولية واضحة بسبب ضعف الإستعداد، وسوء تدبير البنية التحتية لتصريف مياه الأمطار، وغياب الصيانة الدورية، وانعدام منظومة إنذار مبكر فعالة كان من شأنها تنبيه الساكنة وتقليص الخسائر البشرية

وبعد وقوع الكارثة، برزت مسؤوليات أخرى لا تقل خطورة، من خلال الإرتباك في التدخل، وبطء عمليات الإنقاذ والإغاثة، وضعف التواصل الرسمي مع المواطنين، في وقت كانت فيه المدينة تعيش مأساة إنسانية حقيقية.

في مثل هذه الظروف، لا يُقاس التدبير فقط بحجم الإمكانيات، بل بسرعة الاستجابة، وفعالية التنسيق، واحترام كرامة الضحايا

في آسفي، لا يجب أن تُحاكم الطبيعة وحدها، بل كفاءة من أوكلت إليهم مهمة تدبير المخاطر قبل وقوعها وبعد وقوعها. فحين تتحول الشوارع إلى مجارٍ وتُزهق الأرواح، يصبح ربط المسؤولية بالمحاسبة واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا لا يقبل التأجيل.