سياسة واقتصاد

من مسؤولية الحكومة حماية النساء من العنف والتمييز وليس تبني خطاب تنمّري!

سعيدة بوسيف (تدوينة)

لقد تابَع الرأي العام باهتمام كبير مجريات النقاش داخل المؤسسة التشريعية، وما رافقه من تصريحات كان من المفترض أن ترتقي إلى مستوى المسؤولية السياسية واللياقة المؤسساتية. وفي هذا السياق، نودّ التأكيد على ما يلي:

أولًا، إن الحكومة التي أوكل إليها الدستور مسؤولية حماية النساء من جميع أشكال العنف والتمييز، مطالَبة اليوم بأن تكون النموذج الأول في احترام كرامة المرأة وفي تخليق الحياة السياسية، لا أن تُساهم – بقصد أو دون قصد – في مأسسة خطاب تنمّري يُشرعَن مستقبلاً داخل المجتمع.

ثانيًا، إن العبارة التي وجهتموها إلى السيدة النائبة هند بناني الرطل، "سيري تقراي"، لا تسيء إلى شخصها فقط، بل تضرب في العمق ما تبنّته الدولة من جهود للنهوض بمكانة المرأة وتعزيز مشاركتها السياسية. فالقيم الديمقراطية لا تستقيم مع أي شكل من أشكال التعيير أو الانتقاص من المؤهلات العلمية أو المهنية لمنتخبات الأمة.

ثالثًا، لقد أثبتت السيدة النائبة خلال النقاش المتعلق بملف العدول والموثقين كفاءة واضحة، واستندت إلى معطيات واقعية وحجج قانونية دقيقة. وإن عجز أحد الأطراف عن مجاراة الحجة بالحجة لا ينبغي أن يتحوّل إلى ردود فعل تمسّ الاعتبار أو المستوى.

رابعًا، نذكّركم، السيد الوزير، بأن حزب العدالة والتنمية كان أوّل من دعا إلى اعتماد المستوى الدراسي والمعرفي للمنتخبين كمعيار لتعزيز جودة العمل التشريعي، ولذلك فإن التلميحات المنتقصة من الكفاءة العلمية لأحد النواب أو النائبات تُناقض هذا التوجه ولا تخدم المصلحة العامة.

خامسًا، إننا نعتبر أن الاعتذار العلني، وتصحيح الخطاب، وتجديد الالتزام بأخلاقيات الحوار داخل البرلمان—هي خطوات ضرورية لإعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية وللثقة العامة في العمل الحكومي.

السيد الوزير، إن قوة الدولة تُقاس بقدرتها على حماية كرامة مواطناتها ومواطنيها، وعلى رأسهم النساء اللواتي يشكلن ركيزة أساسية في بناء الوطن. ومن واجبكم، بحكم موقعكم، أن تكونوا صوتًا داعمًا لهذه القيم، وحارسًا لاحترامها داخل المؤسسات قبل خارجها.