فن وإعلام

القناة البرلمانية وسؤال الراهنية

سليمان العمراني (نائب برلماني سابق/العدالة والتنمية)

 

أطلقت وكالة المغرب العربي للأنباء، بشراكة مع مجلس النواب بالبرلمان المغربي، برنامجا حواريا تلفزيونيا جديدا هو برنامج "النقاش النيابي".

وقد تناولت الحلقات الأولى من البرنامج مختلف القضايا المتعلقة بمشروع قانون المالية لسنة 2026، حيث استضافت كل حلقة من البرنامج ممثلا عن الأغلبية وممثلا عن المعارضة بمجلس النواب.

ولا شك أن هذه المبادرة الإعلامية الجديدة جديرةٌ بالتنويه، لكونها أولا تستجيب لحاجة إعلامية وتواصلية كبيرة فرضها السياق الحالي، ولكونها ثانيا تقوم على شراكة مؤسساتية بين مجلس النواب ووكالة المغرب العربي للأنباء من شأنها أن تعزز جودة العرض الإعلامي العمومي، ثم ثالثا تَرْفُدُ التناول الإعلامي للشأن البرلماني بصفة عامة ولشأن مشروع قانون المالية لسنة 2026 بصفة خاصة، من لدن العديد من المنابر الإعلامية العمومية والخاصة.

إن البرنامج الحواري التشاركي بين وكالة المغرب العربي للأنباء ومجلس النواب، وإلى جانبه مختلف البرامج الإعلامية العمومية والخاصة التي تتناول الشأن البرلماني، تعيد إحياء سؤال القناة البرلمانية.

فقد سبق لمجلس النواب أن صادق يوم 26/07/2019 على مقترح قانون تقدمت به الفرق والمجموعة النيابية بالمجلس بإحداث قناة برلمانية، بهدف دعم وتشجيع المشاركة السياسية للنساء وللشباب وتوسيع قاعدة المشاركة في الحياة السياسية عامة، والإسهام في تعميق التعددية، وتقريب المؤسسة التشريعية من المواطن، وتقوية انفتاحها على المؤسسات الدستورية والهيئات السياسية والمدنية.

واستشرافا للإقرار النهائي لمقترح القانون، أذكر وأنا ساعتها أشغل منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، أن المجلس خصص في ميزانيته السنوية لسنة 2019 الاعتمادات المالية التي يتطلبها انطلاق القناة، بعد أن أطلق التفكير في مشروع القناة منذ أواخر سنة 2018 وحدد إطارها العام وأجرى التنسيق في ذلك مع رئاسة مجلس المستشارين، غير أن المشروع لم يبلغ محطته النهائية ولم ير النور، حيث لم يصادق البرلمان نهائيا على مقترح القانون بإحداث القناة البرلمانية، لأسباب ظلت في دائرة التخمين والشك.

واليوم وبعد مضي 6 سنوات على توقف ذلك المشروع الهام، يحق التساؤل: ألا تتداعى العديد من الأبعاد المؤسساتية والدستورية والسياسية والإعلامية والتواصلية المتفاعلة في السياق الحالي، لتؤكد ضرورة إحياء مشروع القناة البرلمانية؟

وبصرف النظر عن العجز عن استلهام التجربة المقارنة، فإن ثمة اعتبارات سياقية تدعو حالا، لا استقبالا إلى استئناف ذلك المشروع الهام، ومن أهمها:

- إن القناة البرلمانية ستشكل بلا ريب رافعة لجودة العمل البرلماني، وقوة دفع لتطوير أداء الفاعلين فيه، وتمثل مهامهم الدستورية والسياسية على نحو يبعث على الرضى ويسهم في صيانة الثقة؛

- ستكون القناة، بجودة عرضها العمومي المأمولة، مدخلا لتعزيز المشاركة المواطنة والتعبئة الشاملة في استحقاقات المرحلة، ويسهم في علاج منسوب الثقة في المؤسسات الدستورية والوسيطة التي تعرف عجزا بيِّنا أبرز من نار فوق علم؛

- ستسهم القناة في التثقيف العمومي، وفي تنمية الوعي بالتحديات القائمة وبالرهانات المتولدة عنها، إلى جانب تكريس الثقافة البرلمانية في المجتمع، وإعادة الاعتبار للمنتخبين الجادين؛

- تحقيق قدر معتبر من تواصل البرلمان مع محيطه المؤسساتي والشعبي، وتسويقه لمبادراته الرقابية والتشريعية، والتفاعل مع انتظارات وتطلعات المواطنات والمواطنين، مما من شأنه أن يسعف الحياة السياسية التي تشكو من جفاف وخصاص لا تخطئهما العين.