نجاح المسار التنموي، وربح رهان الإنصاف المجالي رهين بترسيخ الثقة في البيت المشترك الذي يجمع المغاربة، وبقدرتنا الجماعية على إعادة إحياء مؤسسات التأطير السياسي والمدني والنقابي، لتقوم بأدوارها الحقيقية في تأهيل الشباب وتوجيههم نحو المشاركة الفاعلة في الحياة العامة. فالثقة في الوطن، والحوار المسؤول بين مختلف الفاعلين، يشكلان الضمانة الحقيقية لحماية المشروع التنموي.
ولتسريع العائد من التنمية، من الضروري اعتماد نظام ترابي متكامل مؤسس وفق معايير العدالة المجالية والإنصاف الترابي.
الخطاب الملكي وضع التوجهات
الرئيسية لمسار استراتيجي واضح لمغرب صاعد، يقوم على دعائم أساسية تتكامل فيما بينها، في مقدمتها تعزيز روح المواطنة الفاعلة، والرهان على الشباب باعتبارهم القوة الحية للمجتمع وأمل الوطن في مستقبل مزدهر. فالخطاب الملكي لا يقتصر على تحديد أولويات تنموية فحسب، بل يؤسس لرؤية شمولية تجعل من العدالة المجالية وتمكين الشباب والنهوض بالرأسمال البشري محاور مركزية لأي تنمية مستدامة.
لقد جعل الملك التنمية المحلية محور العدالة الاجتماعية والمجالية، باعتبارها المقياس الحقيقي لتقدم مغرب صاعد ومتضامن. وهذه الرؤية تقتضي القطيعة مع التدبير التقليدي للتنمية الذي ظل في كثير من الأحيان بعيدا عن نبض الساكنة، خصوصا فئة الشباب. ومن ثم، يصبح النهوض باقتصاد الإنسان هو المدخل الرئيسي لأي مشروع تنموي متوازن، لأن المواطن، وبالأخص الشباب، هو المحرك الحقيقي للتنمية، وهو من يمنحها معناها المغربي الاصيل و العميق.
وفي هذا الإطار، تبرز الحاجة إلى ابتكار جيل جديد من الإصلاحات الاجتماعية والمجالية التي تجعل من المواطن محور الفعل العمومي، خاصة في المناطق القروية والجبلية التي تزخر برأسمال بشري شاب في حاجة إلى تأطير وثقة وفرص فعلية للإسهام في تنمية مجاله الترابي. ويتطلب ذلك اعتماد مقاربة جديدة في تدبير التنمية المحلية، تقوم على هندسة تنموية موجهة للشباب موستوعبة له، ثم الانتقال من منطق البرامج والنوايا إلى منطق الأثر والحصيلة. فالتنمية يجب أن تقاس بمستوى التحسن الفعلي في حياة المواطن، لا بعدد المشاريع المعلنة أو الميزانيات المرصودة خاصة بالقرى ةالمنماطق الجبلية.
إن نجاح هذا المسار التنموي رهين بترسيخ الثقة في البيت المشترك الذي يجمع المغاربة، وبقدرتنا الجماعية على إعادة إحياء مؤسسات التأطير السياسي والمدني والنقابي، لتقوم بأدوارها الحقيقية في تأهيل الشباب وتوجيههم نحو المشاركة الفاعلة في الحياة العامة. فالثقة في الوطن، والحوار المسؤول بين مختلف الفاعلين، يشكلان الضمانة الحقيقية لحماية المشروع التنموي.
ولتسريع العائد من التنمية، من الضروري اعتماد نظام ترابي متكامل مؤسس وفق معايير العدالة المجالية والإنصاف الترابي. ولم لا ربط التمويل العمومي بمستوى تحقيق الأهداف التنموية الدامجة للشباب والنساء كما ثم في تجارب دولية كثيرة مما يمكن كن خلق دينامية بشرية وترابية قوية. ومن جهة أخرى، وبحكم أن الشباب رافعة أساسية لهذا المسار. فإشراكهم لا يجب أن يظل شعارا، بل ممارسة مؤسساتية قائمة على تمكينهم من آليات الفعل والمبادرة من خلال تقوية الدينامية الترابية بشراكة مع الجامعات والمجتمع المدني،والقكاع الخاص لتأهيل الكفاءات المحلية في مجالات التسيير والابتكار والمقاولة الاجتماعية.
اليوم المجالات الترابية أمام رهان حاسم: كيف تتحول من فضاءات إدارية وخدماتية إلى أقطاب جاذبة للاستثمار، تخلق الثروة، وتستقطب الكفاءات، خاصة من مغاربة العالم وتربط الاقتصاد المحلي بالمنظومات المالية الدولية. فهناك إمكانيات هائلة غير مستثمرة بالقرى والمدن والجيال يمكن أن تصبح سلاسل قيمة ترابية هائلة عمادها الرأس المال البشري مثل الفلاحة التحويلية، والصناعة التقليدية، والسياحة البيئية، والاسثثمار الأخضر و الابتكار والرقمنة وهي مجالات قادرة على خلق الثروة والشغل محليا إذا تم ربطها بمنظومات دعم وتمويل فعالة ورقابة ومشاركة فعلية للساكنة الشابة و توفير شروط جاذبية الاستثمار بدء بخلق مناخ ترابي محفز وواضح منطلقه نخب نزيهة ومستوعبة للمرحلة.
ولتحقيق ذلك، ينبغي إعادة تملك وظيفة الجماعات الترابية لتصبح فاعلا اقتصاديا وتنمويا، يمتلك رؤية استثمارية قائمة على مؤهلاته الذاتية وموقعه الجغرافي ورأسماله البشري وتجاوز المقاربة التدبيرية التقليدية المتجاوزة.
وفي الختام، يمكن القول إن الرؤية الملكية لمغرب صاعد تمثل مسارا وطنيا متجددا، لا يقوم فقط على الطموح التنموي، بل على الإيمان بقدرة الإنسان المغربي على بناء مستقبله بثقة وابتكار ومسؤولية. فالتنمية ليست غاية فقط، بل مسار لإعادة بناء الثقة بين المواطن ومن يدبر الشأن العام ، وتحويل الإمكانيات البشرية والمجالية إلى طاقة فاعلة في خدمة االمجال الترابي وتسريع العائد التنموي بدينامية محلية قوية ومنصفة.






