السلام عليكم،
أمس الخميس، 25 سبتمبر 2025، تمت إدانة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، والحكم عليه بخمس سنوات حبسا نافذا.
بعد ذلك، تعالت الأصوات في فرنسا، وكثر الضجيج، بين من صفق للحكم القضائي، وبين من اعتبره حكماً مسيساً، لا علاقة له بالعدل والإنصاف.
وذهب البعض إلى التشكيك في القاضية التي أصدرت الحكم، باعتبارها سبق أن تظاهرت ضد الرئيس المحكوم عليه، بل وصل الأمر إلى إثارة شبهة انحياز القضاء ضد اليمين الفرنسي، في محطات مختلفة، مثل ما حصل مع فرانسوا فيون مرشح الرئاسة لعام 2017، وكذا الحكم بمنع مارين لوبين من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027، وإثارة الانتباه إلى عدم إجراء متابعات أو محاكمات لأعضاء حزب "فرنسا الأبية" برئاسة جان لوك ميلانشان.
إن هذا النقاش الصاخب حول حكم قضائي غير مسبوق في فرنسا، سبق أن أثير في الولايات المتحدة بمناسبة المحاكمات المتكررة لدونالد ترامب خلال ولاية الرئيس بايدن، حيث كان لا يخرج من محاكمة حتى يلج أخرى، لكن كل تلك المحاكمات والمساطر القضائية تبخرت بمجرد استرجاعه منصب الرئاسة.
إن استقلال القضاء أمر مطلوب وواجب، وهو من أسس الدولة الديمقراطية ومميزاتها، لذلك نصت عليه جميع المواثيق والدساتير، لكنه يبقى من صنع الإنسان، بما للإنسان من ميولات وأهواء، لا يكاد يتخلى عنها دائماً، وفي المقابل، فإن هناك من سينتقد القضاء مهما عدل، لأنه يحكم ضد بشر بطبيعتهم يرفضون أن يسلموا له التسليم التام.
وعلى هذا الأساس، يمكن القول بحقيقتين في هذا الموضوع:
الأولى، وهي أن الاستقلال المؤسساتي للقضاء، لا يغني عن الاستقلال الذاتي للقاضي.
الثانية: هي التي قررها قديماً من قال عن حق:
"نصف الناس أعداء لمن ولي الأحكام، هذا إن عدل."






