فن وإعلام

لك الحق في أن تقرأ اليوم كله علينا القرآن، لكن لا تفعل ذلك حين تكون سكران

أحمد الدافري ( إعلامي)

من حق أي مواطن هنا في فضاءات التواصل الاجتماعي،  أن يساهم في تنوير المواطنين داخل بلده من خلال تعميم خبر، أو ترويج فكرة، أو التبليغ عن حادثة، أو توجيه تظلم، كما يمكنه أن ينتقد قرارا أو سياسة، وأن يعبر عن رأيه بكل حرية، وأن يشارك في نقاش عمومي، مهما كانت طبيعته. 

هذا حق ينبغي أن يكون لدى الجميع، ترسيخا لأسس العيش المشترك،  ودعما لمقومات دولة الحق والقانون. 

لكن الكذب ليس حرية تعبير.

والشتم ليس حرية تعبير. 

والاتهامات الباطلة التي لا تقوم على أي دليل ليست حرية تعبير.

وتزييف محتوى الأقوال ليس حرية تعبير. 

عندما تختلق قصة من خيالك وتروجها على أساس أنها حادثة وقعت، أو تستعمل ألفاظا جارحة في حق  أشخاص في إطار الشتائم والسباب، كأن تصفهم بأوصاف قبيحة، وتنعتهم بنعوت منحطة، أو تتهمهم بأنهم يمارسون أفعالا مشينة أو أفعالا يعاقب عنها القانون، دون دليل، فقط لأن مصالحك تتعارض مع مصالحهم، أو فقط من منطلق الحسد أو بدافع النميمة، أو فقط لأنك تكرههم، وتعتقد أنهم وصلوا إلى ما لم تصل إليه رغم أنك أفضل منهم، أو فقط لأنك تتوهم أنهم مخطئون وأنك على حق، وأنك مناضل فذ شجاع تخدم قضايا المظلومين والمقهورين والمقموعين بفمك دون ذراعك، أو فقط لأنك معجب بنفسك وترغب في أن يشيد بك الناس ويثنوا عليك، كي تشعر بأنك شخص مهم في حياتهم، وأنهم في حاجة إليك وإلى توجيهاتك، وحين تفبرك القصص والحكايات التي تحاول أن تظهر فيها بمظهر البطل السوبرمان، الذي يقدم للناس ما لا يقدمه لهم غيره، وتقضي وقتك كله في ضبط عقارب ساعاتك على إعطاء التوجيهات وإصدار الأحكام، فتأمر هذا بفعل كذا، وتوجه الانتقاد لذاك لأنه فعل كذا، وتهاجم تلك لأنها لم تفعل كذا، وتوزع نقط النجاح والرسوب على أفراد دائرتك الضيقة التي تعتقد أنها تمثل العالم بكل شساعته وتعقيداته، فتبدو مثل منطاد منفوخ بالهواء الساخن ينظر إلى الناس من السماء، ويراهم أصغر من حجم بطنه، ويعتقد أنه من حقه أن يبصق على من يشاء، وأن يبارك من يشاء، فإنك - عندما تفعل كل هذا - لا تساهم في دمقرطة هذا الفضاء وفق ما ما يمكن أن يجعل الناس تستفيد منك، بل إنك تظهر مثل قس سكران فوق منبر كنيسة، يحمل صليبا في يده اليمنى،  وفي يده اليسرى يمسك مصحفا، ويرتل آيات من القرآن. 

 وهذا ما كان.