شكاية البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، المعتقل بفاس على ذمة قضايا فساد مالي، تكشف طبيعة الأشخاص الذين تعول عليهم بعض الأحزاب السياسية للوصول إلى المؤسسات التمثيلية.
بعض هذه الأحزاب، وهنا لا أعمم ، بدون مرجعية ولا مبادئ ولا رؤية، تفتح أبوابها في الانتخابات لتحتضن من يتوفر على الأموال، وشبكة من الزبناء والعلاقات، وتغلق أبوابها ومقراتها مباشرة بعد انتهاء الاقتراع، في ممارسة تشبه أعمال الشبكات التي تنشط في الهجرة غير القانونية، ونطلق عليهم بالدارجة "الحراكة، وهو مايفسر تحريك بعض المتابعات القضائية ضد بعض أعضاء هذه الأحزاب بتهم مشينة تتعلق بالإتجار الدولي في المخدرات، وغسل الأموال والرشوة والتزوير وتبديد واختلاس المال العام، والاتجار في البشر.
ولا يلمس المتتبع لتاريخ هذه الأحزاب وجود علاقات طبيعية ومتينة ومنسجمة بين أعضائها، بل إن التوجس والحيطة والحذر، وأحيانا، المكر والخداع ونصب الفخاخ، هو السائد داخلها لأنها مجرد تجمع مصالح ومنافع وريع وابتزاز، تنتهي كل تلك الروابط، التي تبدو ظاهريا، بأنها تجسد الإنتماء لحزب سياسي بإنتهاء تلك المنافع والمصالح.
ويمكن أن تنطلق بعد ذلك عملية تصفية الحسابات، ونسج المكائد، والضرب تحت الحزام، وتسريب ما تم استجماعه من معطيات وأسرار ليشكل مادة خامة في حرب المصالح، لأن الثقة مفقودة بين أعضاء هذه الأحزاب، وخاصة أولئك الذين يطلقون على انفسهم "القيادة"، ولا يشعر المنخرط فيها، وخصوصا الشباب، الذين يتم استمالتهم، لأغراض انتهازية ونفعية بأية رابطة فكرية أو سياسية أو تنظيمية.
إن حجم الأموال التي تحدث عنها البرلماني السابق الفايق رشيد 8 مليون درهم تكشف عن ضخامة "النوار "، و "الصرف"، الذي يستعمل خارج أضواء المجلس الأعلى للحسابات، ويجهل مصدر حجم تلك الأموال، للتأثير على نتائج الانتخابات، وفرز مؤسسات بأغلبية مصطنعة، وهو ما نرى اليوم تداعياته ونتائجه على المشهد السياسي والتدبيري ببلادنا.
ومن هنا يمكن أن نقف عند الخلفيات الحقيقية التي جعلت الحكومة تتحمس وتصر على تمرير المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية لمنع الجمعيات من التبليغ عن الفساد، بل والأخطر من ذلك التطاول على صلاحيات النيابة العامة، لأن أمثال رشيد الفايق هم الذين تعول عليهم بعض الأحزاب في الانتخابات لحصد النتائج، والفوز بالمقاعد، لتوصف بعد ذلك ب "الأحزاب الكبرى "، ولذلك فإن أغلبية زواج المال والسلطة، وظفت البرلمان للتشريع لفائدة هؤلاء لتأمينهم من المحاسبة والرقابة المجتمعية، وهو الشيء الذي جعلنا نقول في الجمعية المغربية لحماية المال العام أن الحكومة تشرع للفساد، وتحمي لصوص المال العام، وهو ما يترجمه ايضا استنكافها عن تجريم الاثراء غير المشروع.






