عندمانتحدث عن العلاقات الإماراتية المغربية، فإننا نتحدث عن قصة حب اخوية حقيقيةوشراكة بين شعبين عربيين، قصة تجاوزت المسافات الجغرافية لتصبح مثالاً يُحتذى بهفي التعاون الأخوي، إن هذه الشراكة، التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، لم تكن مجردعلاقات دبلوماسية تقليدية، بل كانت رحلة طويلة من التفاهم المتبادل والدعم المستمر.والحقيقة الواضحة للعيان التي تفرض نفسها على كل متابع للشأن العربي، ان العلاقاتالإماراتية المغربية تقدم نموذجاً فريداً للتعاون بين دولتين عربيتين، نموذجاًيتجاوز التحالفات التقليدية ليصل إلى مستوى التمازج والشراكة الحقيقية.
تمتدجذور العلاقات الإماراتية المغربية إلى أعماق التاريخ، حيث تعود العلاقاتالدبلوماسية الرسمية بين البلدين إلى عام 1972 في عهد الملك الحسن الثاني والشيخ زايدبن سلطان آل نهيان ، طيب الله ثراهما ورحمهما رحمة واسعة، لقد كان المغرب من أوائلالدول التي دعمت قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، مما أرسى أسساً قوية للثقةالمتبادلة والتعاون البناء.هذهالبدايات المبكرة للعلاقات تجسد رؤية بعيدة المدى لقادة البلدين، الذين أدركواأهمية التعاون العربي في بناء مستقبل أفضل للمنطقة.
انالشيخ زايد، بحكمته المعهودة، والملك الحسن الثاني، بنظرته الثاقبة، وضعا اللبناتالأولى لشراكة استراتيجية تتجاوز الحدود الجغرافية لتشمل القيم المشتركة والمصالحالمتبادلة.
إنالعلاقة بين القيادتين الحكيمتين تمثل نموذجاً فريداً في العمق والمتانة، فهيعلاقة مبنية على أساس قوي وضعه الملك الحسن الثاني رحمه الله والشيخ زايد بن سلطانآل نهيان طيب الله ثراه، وسارت عليه القيادات المتعاقبة إلى الآن، حيث ان هذاالإرث العريق تعززه اليوم علاقة استثنائية بين الملك محمد السادس و الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، علاقة مدعومة بالثقة المتبادلة والتفاهمالعميق والاحترام الذي لا تشوبه شائبة. وهذه الروابط الأخوية الصادقة نراها وتتجلىفي المواقف الرسمية المتوافقة والزيارات المتبادلة التي تؤكد عمق التنسيق بينالبلدين، وتعكس رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة العربية قائمة على التعاون والازدهارالمتبادل.
مايميز هذا التنسيق أنه يقوم على التفاهم العميق والرؤية المشتركة لمستقبل المنطقة،فكلا البلدين يدرك أهمية الوحدة العربية والعمل المشترك، ويترجم هذا الإدراك إلىمواقف متوازنة وحكيمة تخدم المصالح العربية العليا. هذا التناغم في المواقف يعكسعمق الشراكة ونضج العلاقة بين القيادتين.
ولعلأبرز تجليات هذا الدعم السياسي المتبادل يتمثل في الموقف الإماراتي الداعم للمغربفي ملف الصحراء المغربية، حيث افتتحت الإمارات قنصليتها في مدينة العيون عام 2020 فيشكل خطوة مهمة ومعبرة عن الاعتراف الإماراتي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية،مؤكدة ان هذا الموقف لم يكن مجرد قرار دبلوماسي، بل رسالة واضحة للمجتمع الدوليحول وحدة الموقف العربي من هذه القضية المحورية، وقد عبر المسؤولون المغاربة عنتقديرهم العميق لهذا الموقف الأخوي، الذي يجسد مبادئ التضامن العربي والدعمالمتبادل في القضايا المصيرية.
ومنجانب اخر حيث الشراكة الاقتصادية بين البلدين تحكي قصة نجاح مثيرة للإعجاب، فعلىمدار السنوات الماضية، شهدنا تدفقاً مستمراً للاستثمارات الإماراتية نحو المغرب،والتي لم تقتصر على قطاع واحد، بل شملت مجالات متنوعة مثل الطاقة المتجددةوالسياحة والعقارات والتكنولوجيا. هذه الاستثمارات، لم تكن مجرد أرقام على الورق، بل ترجمت إلىمشاريع حقيقية على أرض الواقع، خلقت آلاف فرص العمل وساهمت في تطوير البنية التحتيةالمغربية. حيث بلغت قيمة الاستثمارات الإماراتية في المغرب نحو 30 مليار دولار،موزعة على أكثر من عشرين شركة ومؤسسة، وهو رقم ضخم بلا شك، لكن الأهم من الرقم هوطبيعة هذه الاستثمارات ومجالاتها.
بلاشكأيضا فإن البُعد الثقافي للعلاقات الإماراتية المغربية يُضفي عليها طابعاً خاصاًوعمقاً إضافياً، فالبلدان يتشاركان تراثاً إسلامياً وعربياً عريقاً، وهو ما يُسهلعملية التواصل والتفاهم بين الشعبين، والجالية المغربية في الإمارات، والتي تضمعشرات الآلاف، تلعب دوراً مهماً في تعزيز هذه الروابط الثقافية، فهي تُمثل جسراً حياًبين البلدين.
ومنجهة أخرى، يحظى الإماراتيون الذين يزورون المغرب بترحاب استثنائي يعكس الضيافةالعربية الأصيلة، وهناك قصص كثيرة تُروى عن زوار إماراتيين وجدوا أنفسهم ضيوفاً فيبيوت مغربية لمجرد أن أصحابها علموا بجنسيتهم، هذا المستوى من الدفء الإنساني نادرفي عالم اليوم.
ولاننسى قوة الترابط الاسري أيضا من الزيجات المباركة بين الإماراتيين والمغاربة التيتضيف بُعداً آخر للعلاقة، كون هذه الأسر تربي أجيالاً تحمل هوية ترابطية عميقة،تجمع بين المغرب و الإمارات، وتشكل جسوراً حية بين الثقافتين.
امابالنسبة للتبادل الثقافي بين البلدين يشمل مجالات متعددة، من المهرجانات الفنيةإلى البرامج التعليمية، ومن المعارض التراثية إلى الفعاليات الرياضية، حيث ان هذاالتنوع في أشكال التعاون الثقافي يُظهر عمق العلاقة وثراءها، ويُساهم في تعزيزالفهم المتبادل بين الشعبين.
الحقيقةالتي نؤكد عليها أن العلاقات الإماراتية المغربية تُمثل قصة نجاح حقيقية في عالممليء بالتحديات والصراعات، هذه الحقيقة المجردة والموضوعية تُظهر أن التعاونالأخوي الصادق بين الدول العربية ليس مجرد حلم، بل واقع يمكن تحقيقه بالإرادةالصادقة والعمل الجاد،و العلاقات بين الإمارات والمغرب تُثبت أن الأخوة العربيةقادرة على تجاوز كل العقبات وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
هذهالشراكة، التي بدأت بخطوات ثابتة واخوية عميقة وصريحة في السبعينيات، تطورت لتصبحنموذجاً يُحتذى به في التعاون العربي، إنها شراكة قائمة على الاحترام المتبادلوالمصالح الإستراتيجية المشتركة للبلدين الشقيقين، وتسعى دائماً نحو آفاق جديدة منالتعاون والتكامل، ولتكون العلاقات الإماراتية المغربية كمنارة أمل تُضيء طريقالاخرين.






