ما حدث في أولاد يوسف، بإقليم بني ملال، ليس مأساة إنسانية بسيطة، بل هو نتيجة مباشرة لسلسلة من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها السلطات المحلية.
كان من الممكن، بل كان ينبغي، تجنّب حالة هذا الرجل، المُعتصم فوق خزان ماء لأكثر من أسبوعين، لو تمّ التدخل منذ البداية، بدلًا من تأجيل ذلك حتى وقوع الأسوأ.
إنّ احتلال شخص يُعاني من اضطرابات نفسية لمنشأة عامة ليس مسألة صبر إداري أو تساهل أمني. لقد كان هذا بمثابة إنذار مُلِحّ، و لقد تقاعس السلطات منذ الساعات الأولى، وهو ما فتح الباب أمام تفاقم المأساة، التي تحوّلت مع مرور الأيام إلى مهزلة مأساوية، ثمّ إلى كارثة إنسانية.
لكن سلسلة الإخفاقات لم تنتهِ عند هذا الحد. لقد كان الوضع يتطلب الوضع استراتيجية صارمة للتدخل، غير أنه تم تكليف عنصر من الوقاية المدنية، دون معدات كافية، ليواجه شخصًا مضطر، متحصن في مكان مرتفع، ومستعد بوضوح لأي شيء. نتيجةً لذلك، احتُجز عنصر الوقاية المدنية لساعات، وتعرض للضرب المبرح بالعصي، ثم قُيّد بطريقة مهينة، قبل إلقاء به، حيث تم نقله على وجه السرعة الى المستعجلات في حالة حرجة.
هذا ليس مجرد إهمال، بل هو تصرف غير مسؤول. كيف يُمكن تعريض حياة موظف، كان يحاول ببساطة إقناع رجل بالنزول، للخطر؟ من اتخذ قرار السماح له بالصعود بمفرده؟ أين كانت التعزيزات؟ أين كانت الوحدة النفسية؟ أين كانت وسائل الوقاية والردع والاحتواء والتفاوض الهادئ؟
وعندما حدث التدخل المتأخر أخيرًا، تدهور الوضع إلى رعب. وجد الرجل، الذي كان من الواضح أنه في حالة أزمة متقدمة، نفسه معلقًا في الهواء، وحبل حول عنقه، بعد مناورة يائسة. سقط سقطةً عنيفةً، أمام أعين الجميع، والوطن بأكمله. وطنٌ مذهولٌ من تهاون وارتجال من كان من المفروض أن يمنعوا هذا النوع من المآسي.
اليوم، رجلان بين الحياة والموت. أحدهما لأنه طالب بالتحقيق في وفاة والده. والآخر لأنه، لسوء حظه، امتثل لأوامر رئيسه الذي أرسله إلى المهمة دون حماية.
ضحيتان للتدبير محلي فاشل، وتسلسل قيادي هش، وإدارة أزمة فشلت تمامًا في الوفاء بمسؤولياتها.
لا يكفي في هذه الواقهة فتح تحقيق إداري.
ولا يكفي إصدار بيان صحفي فارغ. لقد حان الوقت لمحاسبة من فشلوا في إدارة هذه الأزمة منذ بدايتها، ومن سمحوا للوضع بالتفاقم، ومن عرّضوا حياة أحد الرجال الوقاية المدنية للخطر دون داعٍ.
كرامة الدولة لا تُقاس بقدرتها على التأخير في الرد، بل بقدرتها على التوقع والمراقبة والحماية منذ اليوم الأول.
ما حدث في بني ملال هزيمةٌ للحكم المحلي. يجب ألا يتكرر هذا أبدًا.






