وتوفر هذه البنية فضاء وديا وملهما، تجذب فيه ألوان الأقمشة المعلقة على الجدران الأنظار، ويخلق ضجيج آلات الخياطة، الممزوج بأصوات المقصات، خلفية صوتية فريدة.
أكثر من مجرد ورشة خياطة، تمثل هذه التعاونية التي أسستها في نونبر المنصرم خولة مريوي، وهي شابة طموحة، نموذجا حيا لمثابرة المرأة القروية.
قبل بضع سنوات، كانت خولة، وهي أم مطلقة، قلقة على مستقبلها ومستقبل طفلها البالغ من العمر ثمان سنوات. لكن اليوم، وبفضل إصرارها وعملها الدؤوب ودعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نجحت هذه الشابة المولعة بالخياطة في إنشاء تعاونية دينامية ومدرة للدخل.
وقالت في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء “منذ طفولتي، حلمت بافتتاح ورشة خاصة بي، لكن كنت أفتقر إلى الإمكانيات. وأخيرا تحقق هذا الحلم بفضل الدعم المالي والتقني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي جهزت تعاونيتي بمجسمات لعرض الأزياء وآلات خياطة حديثة، بما في ذلك آلة تطريز رقمية تمكنني من رفع تنافسيتي في السوق”.
وهكذا، نجحت التعاونية في تحسين إنتاجها وتوسيع نطاق منتجاتها من خلال توفير الملابس التقليدية والملابس الجاهزة للرجال والنساء، مما مكن الإدارة المسيرة والمتعاونات من تحسين وضعهن الاقتصادي.
وأعربت عن ارتياحها لكون تعاونيتها تضم أزيد من 20 امرأة قروية. معظمهن مطلقات وأرامل أو يعشن في ظروف صعبة. “وقد ساهم هذا الدعم الذي قدمته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشكل كبير في مساعدتنا، حيث وفر لنا إطارا ملائما لتطورنا الشخصي والمهني، مما مكننا من تحقيق استقلالنا المالي”.
وحسب رئيسة قسم الاتصال بإقليم سيدي سليمان، آمال بنعبدي، فإن هذا الدعم المقدم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يندرج في إطار أهداف البرنامج الثالث للمبادرة الرامي إلى تحسين دخل الشباب وإدماجهم الاقتصادي.
وأكدت في تصريح مماثل أنه “من خلال هذا البرنامج، توفر المبادرة للتعاونيات المعدات والدعم المالي اللازم لتمكينها من تنفيذ مشاريعها وتطويرها. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم المبادرة التعاونيات طوال السنة الأولى، بدءا من مرحلة إعداد الوثائق المالية والتقنية وصولا إلى تسويق منتجاتها”.
وأبرزت بنعبدي بمناسبة اليوم العالمي للتعاونيات، الذي يصادف السبت الأول من شهر يوليوز من كل سنة، أن 34 مشروعا في إقليم سيدي سليمان استفادت من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار تنفيذ برنامجها الثالث، مشيرة إلى أن قيمة الدعم بلغت 5 ملايين و473 ألفا و 412 درهم، موزعة على مشاريع تندرج في إطار في خمسة قطاعات رئيسية تهم الفلاحة والصناعة التقليدية والبيئة والمياه والغابات والبناء والأشغال العمومية.
وعلاوة على ذلك، أشارت المسؤولة إلى أنه بالإضافة إلى دورها الاقتصادي، تضطلع التعاونية بدور مهم في تكوين فتيات ونساء الجماعة القروية، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 30 سنة، من خلال تمكينهن من التكوين في مجال الخياطة والتطريز التقليدي وتقنيات صناعة النسيج التقليدي.
وسجلت أنه بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أصبحت التعاونية مخولة لتقديم الدروس في إطار برنامج “التكوين عبر التعلم”، لفائدة الفتيات، والذي يحصلن بموجبه على شهادات معتمدة، من شأنها أن تشجع على اندماجهن في الدينامية الاقتصادية وفي سوق العمل.
ونجحت تعاونية “نافع للخياطة والتطريز”، المعروفة بخبرتها في مجال التطريز والخيوط، في غضون أشهر قليلة، في أن تتميز بجودة إنتاجها، التي استقطبت شريحة واسعة من الزبناء.
وتعكس “قصة نجاج” هذه التعاونية، على غرار مشاريع مماثلة في إقليم سيدي سليمان، بوضوح، فعالية المبادرات التي تدعمها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للنساء.