أكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعلِيلو، أن صحافة البيانات ليست ترفًا تقنيًا، بل تمثل معركة مجتمعية حقيقية للدفاع عن الحق في المعرفة والعيش في بيئة نزيهة، موضحًا أنها تمثل تحولًا نوعيًا في آليات التتبع والتوثيق والتحليل وممارسةً صحفية تعيد بناء المعلومة المجردة ضمن سردية مدعومة بالأدلة الرقمية.
وأوضح بنعلِيلو، في كلمة ألقاها خلال دورة تكوينية لفائدة عدد من الصحفيات والصحفيين، نظمتها الهيئة بشراكة مع شبكة "أريج" في ضاية الرومي ما بين 23 و27 يونيو 2025، أن هذه الدورة تُجسّد إرادةً صادقة لتقوية الشراكة مع الجسم الإعلامي، وتمكينه من أدوات تحليل المعطيات، وتتبع تدبير الشأن العام، والمساهمة الفعلية في ترسيخ الشفافية والمساءلة.
وأضاف أن مكافحة الفساد ليست قضية حكومية أو مؤسساتية فقط، بل قضية مجتمعية شاملة، تتداخل فيها أدوار السلطات العمومية وهيئات الحكامة والمجتمع المدني، مؤكدًا أن الإعلام، وخاصة الصحافة المهنية المسؤولة، له دور محوري في تحويل قضايا الفساد إلى نقاش عمومي منتج يبتعد عن التهويل والسطحية.
وأشار بنعلِيلو إلى أن "صحافة البيانات" تُمكّن من تحويل الأرقام الجافة إلى قصص صحفية حقيقية تجسّد شفافية المعلومة وتُقرب الحقيقة من المواطن، معتبرا أنها تمثل "سلطة مضادة" قادرة على رصد الانحرافات وإعادة توجيه البوصلة نحو الإصلاح، بعيدا عن الإشاعات أو الخطاب الغامض.
وشدد على أن المادة الخام لهذا النوع الصحفي ليست بالضرورة معلومات سرية أو مسرّبة، بل تتوفر غالبًا في قواعد البيانات العمومية والتقارير الرسمية والمعطيات المفتوحة، مما يتطلب من الصحفيين مهارات عالية ومهنية في التعامل معها واستخراج القصص ذات الصلة بالمصلحة العامة.
كما نوّه رئيس الهيئة بأهمية هذا الورش التكويني في إعادة بناء العلاقة بين المواطن والإعلام والدولة، مؤكدًا أن الهيئة ملتزمة بمواكبة كل المبادرات الهادفة إلى تمكين الصحافة الوطنية من أدوات تحليل البيانات والمساهمة في مراقبة الأداء العمومي ومكافحة الفساد.
وفي ختام كلمته، عبّر بنعلِيلو عن تقديره العميق للشراكة القائمة بين الهيئة وشبكة "أريج"، موجهًا شكرًا خاصًا للصحفية والمدرّبة إيثار العظم، ومتمنيا لها إقامة طيبة في بلدها الثاني المغرب.






