رياضة

مونديال 2030 حدث رياضي بحمولة ثقافية

جمال المحافظ

 

 يشكل احتضان المغرب بمعية اسبانيا والبرتغال لمونديال كرة القدم  2030، فضلا عن كونه تظاهرة رياضية عالمية كبرى،فإن واقعيا، يعدحدثا ثقافيا بامتياز، يستدعى العمل على تثمين الجوانب الحضاريةوالثقافية والفكرية للبلاد وتقديمها بحرفية ومهنية الى العالم، الى جنبا الى جنبمع توفير البنيات التحتية التي تستجب لدفاتر تحملات الفيفا.

وتفتح مباريات كأس العالم التي لا تتعدى منافساتها الساعتين، آفاقاواسعة للتعريف بتاريخ وحضارة وثقافة البلد الذي يحتضن هذا النوع من الملتقيات الرياضيةالتي تتجاوز التنافس الرياضي، لتتحول الى الاستثمار الاقتصادي والتسويق التجاريوالترويج السياحي، وكذلك مشتلا لإبراز التنوع الفكرى والحضاري ونقل التعبيرات المختلفةجمهور كرة القدم .

 وهذا ما يقتضي اعداد استراتيجيةشاملة والعمل على تأهيل مختلف وسائل الإعلام الوطنية، والتعامل مع الصحافةوالاعلام كقطاع حيوي ليكون بمقدوره التعاطي مع مجتمع س العالم بأسلوب احترافي خاصةمع الألتراس الذي يعتمد طرقا مختلفة في التشجيع الرياضي، مع استحضار الأبعادالتنظيمة والأمنية والحقوقية.

لقد أصبحت الصحافة المتخصصة في المجال الرياضي  حقلا إعلاميا قائم الذات واستثمارا بالغالأهمية، وتستأثر باهتمام الرأي العام بشكل واسع، وهو ما يتطلب تحديث التصوراتوتطوير الأداء الإعلامي المهني، وجعله يتلاءم مع تحديات ورهانات مونديال سنة 2030.غير أنه بالمقابل، يلاحظ أن الاعلام الرياضي الوطني يعاني - كما كان في السابق - مننظرة نمطية سلبية، بناء على يرصده عدد من المهنيين والخبراء، والهيئات الرياضية التمثيلة،الذين يعتبرون بإن المشهد الإعلامي الرياضي يجتاز حاليا واحدة من أدق وأصعب فتراته،نتيجة ما يعانيه من الهشاشة وخصاص مهول في التكوين، والتزام بقواعد أخلاقيةالمهنة.

 إن تطور الرياضة، يرتبط فيجوانب منه بوسائل الاعلام  التي تقربالجمهور عبر مختلف دعامتها من النتائج التي تحقهها الرياضة مما يجعلها تستحوذ علىالقلوب، والمثال الحاضر في هذا السياق، مشاركة المنتخب الوطني المغربي في مونديالقطر فيفا 2022 والدور الذي قام به الاعلام الوطني، في مواكبته اللافتة،  لمختلف المراحل التي قطعها المنتخب الذي  تمكن ولأول مرة التأهل لدور نصف نهاية كأسالعالم، كأول منتخب افريقي وعربي يحقق هذه النتيجة، وهو ما كان له انعكاس إيجابيعلى اشعاع البلاد، وعلى مستوى كرة القدم الوطنية كذلك .

وإذا كانت الصحافة الرياضية، تعرف على المستوى العالمي، تطورامتناميا، يفوق في كثير من الأحيان التخصصات الأخرى في مجال الاعلام، من صحافةسياسية واقتصادية وثقافية، فإنها ظلت – كما هو شأن الاعلام بصفة عامة- فيوضعية دون مستوى التطلعات والرهانات على المستوى الوطني.

وفي ظل النقص الحاصل في مجال الأبحاث والدراسات حول الصحافة الرياضيةوأدائها، فإن هذا التخصص الإعلامي، ظل - ورغم بعض المجهودات المبذولة هنا وهناك-يعاني من اختلالات ومشاكل مركبة، منها عدم الالتزام بقواعد أخلاقيات المهنة، وضعفالتكوين.فهذهالعوامل الذاتية والموضوعية، تجعل من الصحافة الرياضية الوطنية، قاصرة عن المواكبةالإعلامية الاحترافية، ومعها تقديم صورة متكاملة، عن النتائج التي يحققهاالرياضيون المغاربة من نتائج إيجابية خاصة كرة القدم.

لذا أصبح من المفروض على البحث عن السبل الكفيلة  بتمكن الصحافة الرياضية المغربية، من أن ترتقيالى المستوى المنشود، لتشكل بداية لتحول ملموس، يؤهلها للإنخراط في التحضير الجيد لمونديال2030 وقبلها بطولة افريقيا للأمم في كرة القدم التي تحتضنها المملكة ما بين 21دجنبر 2025 و18 يناير 2026، باعتبار أنه هذا العرسالرياضي القاري قد يتحول إلى "بروفة" أولى لمونديال 2030 .

وفي ظل الثورة التكنولوجية الحديثة، يصبح لزاما  الأخذ بعين الاعتبار انعكاسات البيئة الرقميةعلى الممارسة الصحافية والاعلامية، والاشكالات التي يطرحه الذكاء الاصطناعي منتحديات على مهن الصحافة والإعلام، الأمر الذي يستدعى اعتماد رؤية جديدة بمقاربة متجددةفي التعامل مع ورش الإعلام قبل انطلاق المونديال 2030، وبعده.

وبخصوص كتاب "الاعلام ومونديال 2030"، مؤلفى الأخير الصادر عندار التوحيدى للنشر، سنة 2025  والذي جرىتقديمه ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للدورة 30 للمعرض الدولى للكتاب والنشر السنةالجارية، فهو مساهمة في اثارة الانتباه لدور الصحافة والاعلام، فيظل الاستعداد  لاحتضان منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدمبالمغرب واسبانيا والبرتغال. ويتضمن المؤلف قسمين الأول بعنوان " هل الصحافةستتأهل للنهائيات؟ والثاني حول " الاعلام أفقا للتفكر.."، يتناولان، بالخصوصتحديات ورهانات احتضان المغرب لكأس العالم في سنة 2030، بالاشتراك مع كل مناسبانيا والبرتغال الذين يتعين الاستفادة من تجربتها في الصحافة الرياضية، وفياستضافة التظاهرات العالمية الكبرى.

من بين المحاور التي يقاربها الكتاب، قضايا الاستهلاك الرياضي، وحاضناتللتكوين، وموقع الاعلام في السياسات العمومية، امكانيات تدشين مرحلة جديدة، منخلال استراتيجية إعلامية وطنية، متعددة الأبعاد، في ظل بيئة سليمة التي تقتضىتجاوز النظرة النمطية للاعلام القطاع الاستراتيجي، وكرافعة للتنميةن فضلا عنالحاجة إلى تطوير الإعلام والتوفر على ذراع اعلامي قوي من خلال الاهتمام بالتكوين،واطلاق برامج للنقاش. 

كما تركز هذه المحاور، على أن الرياضة قوة ناعمة، وهو يقتضة التوفرعلى اعلام مهني محترف وصحوة إعلامية، تستند على رؤية واضحة المعالم وتطويرالمهارات في مجالات متعددة منها الصحافة المتخصصة والتعليق الرياضي، الصناعة الرياضيةوالانفتاح على التكنولوجيات الحديثة، خاصة الانترنيت والذكاء الاصطناعي، وهو مايفتح آفاق جديدة، ويشكل فرصة حقيقية.

*نص المحاضرة  التي نظمها ف فرع الرباط ل JCI  الغرفةالفتية الدولية في 20 يونيو 2025 بمدرسة التجارة بالرباطRabat  ESLSCA Business SCHOOL   حول الصحافة الرياضية  .