سياسة واقتصاد

الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء: خطوة نحو حل دائم يُقبر التطرف

الحسن زاين

أظهرت التطورات الأخيرة على الساحة السياسية بشكل واضح أن الدعم الدولي للمغرب في ملف الصحراء أصبح في تزايد مستمر، ما يعكس تحولات استراتيجية لصالح المملكة، أولا، والمنطقة ثانيا، بسبب التهديد الذي أصبحت جبهة البوليساريو تشكله بتحالفها مع حركات إرهابية.

وتبرز هذه التحولات بشكل خاص في دعم الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، وإسبانيا، لمغربية الصحراء وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وذا مصداقية لوضع حد لهذا النزاع المفتعل.

هذا الدعم الدولي ليس مجرد دعم لفظي، بل ترجمه اعترافات رسمية ومواقف متوافقة مع الحق المشروع للمغرب في سيادته على أراضيه. 

ويعكس هذا التوجه الدولي فهمًا عميقًا للأهمية الاستراتيجية لمغربية الصحراء ليس فقط من أجل استقرار المغرب، ولكن من أجل أمن المنطقة بأسرها، إذ يقدم الحل الذي يطرحه المغرب - وهو الحكم الذاتي - نموذجًا واقعياً يتسم بالحكمة والموازنة بين مصالح الأطراف المختلفة، ما يعزز من فرص الوصول إلى تسوية دائمة.

البوليساريو: مسار متطرف يعمق الأزمة

وفي مقابل كل هذه التطورات الإيجابية للمغرب، تواصل جبهة البوليساريو المضي في مسارها الانفصالي والتطرفي. فقد باتت الحركة، التي كانت في الماضي تحظى بدعم معنوي من بعض الأطراف الإقليمية والدولية، تتحول إلى أداة بيد القوى المتطرفة التي تهدد استقرار المنطقة. 

وكشفت التقارير الأخيرة، ومنها تلك التي نشرتها وسائل إعلام دولية موثوقة، عن محادثات بين قيادات البوليساريو وجماعات إرهابية مثل حزب الله، حيث تم التعبير عن دعم هجمات منسقة ضد إسرائيل بمشاركة الجزائر وإيران.

إن تحول البوليساريو من حركة انفصالية إلى فاعل جهادي يدعم الإرهاب، يشكل تهديدًا كبيرًا ليس فقط للأمن في شمال إفريقيا ولكن للأمن الدولي بشكل عام. وهذا التحول في الخطاب والسياسة يعكس بوضوح أن البوليساريو لم يعد يقتصر على السعي للاستقلال، بل أصبح لاعبًا في شبكة معقدة من الجماعات المتطرفة التي تقوض جهود السلام والاستقرار في المنطقة.

الجزائر: الموقف الخفي والمستمر في دعم البوليساريو

إن موقف الجزائر من قضية الصحراء المغربية لطالما كان محط تساؤل. على الرغم من الادعاءات الرسمية بأنها تتبنى سياسة الحياد، فإن الجارة الشرقية للمملكة تواصل دعم البوليساريو من خلال تزويده بالموارد السياسية واللوجستية. 

وهكذا، أصبحت المخيمات في تندوف، التي تسيطر عليها الجزائر، مركزًا لتدريب وإعداد المقاتلين، ما يعزز من نشاط الجماعات الجهادية ويؤجج حالة العنف في المنطقة.

ولقد أثبتت الجزائر مرارًا وتكرارًا أنها لا ترغب في المساهمة في حل سلمي ومستدام لملف الصحراء المغربية. ما لا يتماشى مع ما تتطلبه المرحلة الحالية من العمل على تعزيز الاستقرار الإقليمي، بل يعمق الأزمة ويزيد من تعقيد الحلول. 

كما يظهر الواقع أن الدعم الجزائري لا يقتصر فقط على دعم البوليساريو، بل يشمل أيضًا سياسات تهدف إلى إشعال الصراع وتوسيع دائرة التأثيرات السلبية على دول الجوار.

دعوة للمجتمع الدولي لاتخاذ مواقف حازمة

في ظل هذه المعطيات، لم يعد من الممكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل الحقيقة الواضحة والمتمثلة في كون البوليساريو ليست مجرد حركة انفصالية، بل أصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار الإقليمي والدولي. ومع استمرار دعم الجزائر لهذا الكيان، يتعين على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات ملموسة لإدانة البوليساريو كجماعة إرهابية والضغط على الأطراف المعنية، خاصة الجزائر، لوقف دعمها المباشر للجبهة الانفصالية.

ويجب أن يكون للمجتمع الدولي دور فاعل في الضغط من أجل تسوية النزاع، من خلال دعم المغرب في حقه السيادي على أراضيه وتطبيق مقترح الحكم الذاتي الذي يمثل الحل الأكثر توافقًا والأكثر ضمانًا للسلام والاستقرار في المنطقة. فمكافحة الإرهاب، الذي أصبح يشكل جزءًا لا يتجزأ من نشاط جبهة البوليساريو، ينبغي أن تكون الأولوية القصوى، بما أن هذه الجماعات باتت تمثل تهديدًا غير تقليدي للأمن الإقليمي والدولي.

 نحو الحل المستدام

مع تزايد الدعم الدولي للمغرب وقوة المواقف الإيجابية التي يعكسها المجتمع الدولي، تبدو الفرصة سانحة أكثر من أي وقت مضى للوصول إلى حل دائم لقضية الصحراء المغربية. الحل ليس في المزيد من الصراع أو التوترات، بل في تطبيق نموذج الحكم الذاتي الذي يوفر تطمينات لجميع الأطراف ويضمن استقرار المنطقة. ويتعين على المجتمع الدولي أن يعزز هذا الاتجاه من خلال العمل الجاد على إيقاف دعم الجزائر للبوليساريو، وفرض سياسات تدعم الأمن والسلم في المنطقة. وترسيخ حق المغرب في سيادته على صحرائه باعتباره حقا ثابتا، وأن يكون الحل المستدام مبنيًا على هذا الأساس.