في عيطة "الحصبة" و هي عيطة تنتمي لمنطقة عبدة، نجد العبارة التالية "زين الفاسيات و المكناسيات"، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن سبب الاشارة للفاسيات و المكناسيات في عيطة عبدية.
العيطة تصفهن ب "الغشوات"، و أنا أعرف أن "الغشوة" في الدارجة المغربية هي ذلك البياض فوق غُرَّة الفرس، و لهذا نسمي المرأة الشديدة البياض "الغشوة".
هذا الإسم يرد كذلك في عيطة خربوشة، "الغشوات في قِبالْ [منطقة بني ياكَرين بضواحي سطات].. لعيون صرادة[شديدة السواد] .. لخدود ورادا .. آش في الزين ما يتعادى .. ".
لقد سبق للباحث المغربي ادريس بن علي الادريسي سنة 1939 أن أشار في كتابه "كشف الغطاء عن سر الموسيقى و نتائج الغناء" أن قال إن منطقة قِبال تعتبر ثاني مركز لانتاج العيطة بعد منطقة عبدة، إن هذه الإشارة كانت غير كافية بالنسبة لي لكي أفك شفرة "الفاسيات و المكناسيات".
و هكذا بعودتي إلى بعض الكتابات الفرنسية التي تعود لسنة 1915 و هي عبارة عن تقارير كتبها ضباط الاستعلامات الفرنسية لفائدة الاقامة العامة وجدت من بين ما كتب عن منطقة قِبال ، بني ياكَرين هو أن المرأة المتزوجة هي من تحضى بالتوقير التام أما البنت و الأخت فإنهما تتمتعان بمطلق الحرية ، حتى أن المنطقة مشهورة بفتياتها اللواتي يمتهن تاشياخت و بأنهن جميلات و شديدات البياض يشبهن كثيرا نساء فاس في دقة تقاطيع ملامح الوجه و شدة بياض البشرة . و على هذا الأساس فإن المقطع الذي تحدثت عنه يصف جمال شيخات منطقة قِبال و يشبههن بالفاسيات و المكناسيات , تقول كلمات العيطة " شفتو ما شفت أنا .. شفتو شي غشوات ,, من القَبْلة بانو .. زين الفاسيات و المكناسيات .. مهودات مع الباب الجديد .. شرابلهم من لحرير .. اخدودهم بلعمان .. شفتو ما شفت أنا .. شي فاسيات بيضات زروالات ( عيونهن زرقاء ) .. خارجات من باب الكَِيسة .. كل ساقْ ( بتفخيم القاف ) و سلوانو .. ( أي سيقان كل واحدة منهن تنسيك الهموم ) .. شفتو شي مكناسيات حمرات و مسرارات ( حتى و إن كان لون بعض المكناسيات يميل إلى الحمرة فإنهن مليحات ) .. فيهم الطويسيات ( و كأنهن حمامات طويسيات ).. الخدود كيف الوردات .. مفتحات ليا ديما .. " . إذن فالمقصود من كل هذا هو الحديث عن الشيخات المنحدرات من منطقة قِبال ، الشديدات البياض و الممشوقات القد و كأنهن بنات فاس و مكناس الجميلات الفاتنات .