فن وإعلام

جمعية سلا المستقبل تخلد الذكرى 20 لتأسيسها

كفى بريس
نظم المكتب التنفيذي لجمعية "سلا المستقبل"، لقاء بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تحت شعار حفظ الذاكرة الجماعية السلاوية، وذلك عشية يوم السبت 30 نوفمبر 2024 بالمركز الثقافي سعيد حجي بسلا، بحضور فعاليات ثقافية وسياسية وحقوقية وإعلامية وفنية وجمعوية محلية ووطنية.

وتم خلال هذا اللقاء، المنظم تخليدا للذكرى 20 لتأسيس الجمعية، تقديم الكتاب الذي أشرفت الجمعية على إنجازه وإصداره تحت عنوان (ذاكرة سلا والتاريخ الراهن.. رؤى متقاطعة)، في جزأين: مسارات سياسية ومسارات ثقافية.

ومما جاء في الكتيب الذي أعدته الجمعية تخليدا لهذا الحدث في سياق توضيح أسباب الإهتمام بحفظ ذاكرة سلا :"

يخترق مفهوم الذاكرة، كتمثل قيمي وكتراكم معرفي، تاريخية الفكر الإنساني وشواهده الحضارية منذ فجر التاريخ، فليس هناك أقرب إلى الإنسان السوي، في فطرته ونضجه، من معين ذاكرته، كخط اتصال مباشر بماضيه، وكحد انفصال وتميز عن الغير، وشخصنة فرادة جامع هويته الأصلية والمكتسبة، في ديمومة تفاعلهما وتلاقحهما الاجتماعي والثقافي الشخصي، وهكذا تنتصب الذاكرة في المخيال الإنساني، فردية كانت أو جماعية، عصبية أو قومية ،كمسكن افتراضي لماضي متحرك، متنقل ومتجدد، بقدر ما تكتسب جدواها كمخدع سري، لهواجس هذا الماضي وأفراحه وأحزانه وتشظياته ومكبوتاته، فالذاكرة في ديناميات وصيرورات تقادمها وتجددها، انكفائها واسترجاعها، تعيد تشكيل مجال اشتغالها وحوافزه لدى الجماعات البشرية، كمضجع تلاقح و تبلور للهويات المهددة بالفناء والانسحاق، وكخميرة حية لتخصيب وتخليد ما يسمو إلى قيمة المشترك من الأقراح أو الأفراح، وكبؤرة كذلك لتوليد موقف الأفراد والجماعات، المضمر أو الصريح، الموجب أو السالب، من مخاطر وتهديدات الضمور والتلاشي أمام استراتيجيات السلط في الاجتثاث والابتلاع، واحتمالات استيلاب الهوية والنسيان؛

وتأسيسا عليه، ليس غير الذاكرة كنشاط إنساني واجتماعي تواصلي، من ينحت العلاقة بأحداث الماضي والتباساته أو بأوهامه ومكبوتاته، خارج الإطارات الرسمية والمحافظة والأحادية غالبا لانتقائية كتابة التاريخ، فالجميع، على مستوى كوني عابر للعصبيات والثقافات والحضارات، يملك الحق في الذاكرة بالتساوي تقريبا، بفارق جوهري مفاده أن يكون قادرا على استرجاعها وصياغتها وحكيها وحفظها وتقاسمها، واستنبات روح وقوة المشترك عبرها، مجسدة في بوتقة هوية جامعة لمعالم الشخصية، وهذا مجال تدافع لامتناهي لصراع الإرادات والقيم والأفكار واستراتيجيات الغلبة والإخضاع، و مدى قدرة الأنظمة السياسية القائمة على التدبير الديموقراطي للحق في التعدد والاختلاف، والقطع مع موروث الانتهاكات، واحتضان مبدأ سمو كونية حقوق الإنسان، التي يجعل جيلها الرابع من الحق في الذاكرة، حجر الزاوية في حماية واحترام الهويات، والاعتراف بخصوصياتها. "

وعن تخليد الذكرى 20 لتأسيس جمعية سلا المستقبل يقول المؤسسون :"

20سنة مرت على تأسيس جمعية سلا المستقبل، حيث كانت البداية نابعة عن إرادة مشتركة جسدتها فعاليات وشخصيات من أبناء المدينة، كان هاجسها الأول تشكيل قوة اقتراحية مبنية على تشخيص موضوعي للأزمة الشاملة المتواترة التي تعيشها سلا. وترسخ الاقتناع بضرورة إيجاد أداة لتصريف هذه الإرادة، والمساهمة قدر الإمكان في تقديم وجهة نظر متكاملة حول مستقبل مدينة ضاربة بجذورها في التاريخ.

حيث بادر المؤسسون إلى صياغة أرضية تعدية للعمل المستقبلي، وهي وثيقة تحدد التوجهات والالتزامات، وترصد محاور العمل والأوراش ذات الأولوية.

تجربة متفردة وقوة اقتراحية

-أداة عملية وقوة اقتراحية تشارك في تأهيل المدينة وأحوازها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعمرانيا.

-إطار تنظيمي لبلورة مشاريع تساهم في تحقيق التنمية المستدامة للمدينة، عبر مقاربة تشاركية.

-فضاء للتفكير التعددي والمبادرة لتطوير الديموقراطية المحلية وتحسين تدبير الشأن المحلي،

-مجال لمراكمة تجربة مواطنة منفتحة تزرع الأمل وتستشرف المستقبل، اعتمادا على قدراتها البشرية وإمكانياتها الذاتية

-بلورة برامج ومبادرات تزكي المقتضيات الدستورية الداعية إلى ترسيخ دور الجمعيات في تدبير الشأن المحلي،

-تنفيذ برامج عن طريق اتفاقيات شراكة وتعاون، وطني ودولي، مع إشراك الفعاليات المدنية والسياسية المحلية.

توجه منفتح ومسار تفاعلي

جسدت الجمعية منذ تأسيسها منبرا للرأي والتفاعل والانفتاح، من خلال مداولات أجهزتها التسييرية ولجنها الوظيفية وأقطابها، وكذا في علاقتها بمحيطها عبر الشراكات وجلسات العمل والحوار مع قطاعات حكومية ومؤسسات جامعية وسلطات محلية ومجالس منتخبة وهيئات مهنية ونسيج جمعوي محلي ووطني وممثلي برامج تنموية دولية، بهدف محاولة تقديم أجوبة عن سؤال التنمية المحلية، لمدينة هي قلعة حضارية لها تراث عريق وعطاء غني.

إن الإطار العام للنشاطات التي تباشرها الجمعية منذ تأسيسها هو التوجه بصفة أساسية نحو ترسيخ صيغ التشاور والتنسيق والتواصل بخصوص مختلف المبادرات والمشاريع التنموية في المجال الترابي لسلا.

عمل ثقافي ومبادرات تشاركية

ركزت جمعية سلا المستقبل اهتمامها، منذ نشأتها، على قضايا الحكامة والتنمية وتتبع شؤون الديمقراطية المحلية والتنمية الحضرية. عبر اتخاذ مبادرات وتنظيم أنشطة من خلال الأقطاب المختصة، وإنجاز فعاليات ذات طابع سوسيو – ثقافي، بشراكة مع مختلف المتدخلين والفرقاء، من قطاعات حكومية ومنظمات دولية غير حكومية وجمعيات محلية وسلطات عمومية ومجالس منتخبة، مكنها من جلب اهتمام نوعي لدى الرأي العام المحلي. ومن أبرز هذه المكاسب والأنشطة: تنظيم سنوي لمهرجان "سلوان" الربيع الثقافي، إنجاز الدليل الثقافي والسياحي لسلا، عملية تشوير المواقع التاريخية للمدينة، تنظيم شهري لحلقات "أربعاء المعرفة"، تكريم الذاكرة المحلية، مشروع الزراعة البيئية "سواني الثقة"، مشروع الإذاعة الجمعوية لمدينة سلا ، برامج تكوينية لفائدة الشباب في مجالات تكنولوجيا الإعلام والاتصال "سلا بعيون شباباها، سلا شباب رائد، شباب شباب منخرط، سلا حي رائد"، مبادرة إعداد وإطلاق المرصد الحضري لسلا الكبرى، مواكبة برامج التأهيل الحضري لمدينة سلا، عقد ندوات موضوعاتية حول التعمير والتنمية المجالية...

وستمتر الجمعية وهي تحتفل بميلادها العشرون على تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بفتح ورش حفظ الذاكرة بإنجاز كتاب قيم حول " ذاكرة سلا والتاريخ الراهن " بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان. من أجل مستقبل ديمقراطي يحظى بتكريم حقوق الإنسان، بالاعتراف بما هو مشترك وتضحيات الأجيال السابقة من أجل مستقبل الأجيال في وطن يضمن الحرية و الكرامة للجميع.

وعن دواعي خوض مغامرة إصدار كتاب خاص بحفظ ذاكرة سلا، يقول اصحاب المبادرة :"

يستمد هذا الكتاب، المخصص للحفر في ذاكرة سلا الثقافية،حوافزه وجدواه من إيمان راسخ عميق في أدبيات جمعية سلا المستقبل: بأن من لا ذاكرة له لا مستقبل له، يسنده اعتبار منهجي غزير بالمكانة المرموقة التي أضحت تتبؤها تيمة الذاكرة في اختراقاتها لمجالات البحث العلمي والعلوم الإنسانية العصرية، إيمان يواكبه ويؤازره وعي متعاظم مزدوج بأولوية المسألة الثقافية اليوم، في إعادة صياغة وتركيب رؤيتنا وفهمنا لتراثنا التاريخي المادي والرمزي بقدمه وغناه وتنوع روافده ،و أسبقيتها كذلك في هندسة وترتيب علاقتنا بذواتنا وبهويتنا وبالآخر والعالم، خصوصا في زمن تتواتر فيه مخاطر التنميط و مسخ الهويات بفعل اكتساحات العولمة، وانتصار الزمان الشبكي الرقمي على المكان ،و هول ما نتجرعه من استلابات الإنسان.

ضمن هذا الإطار المنهجي والقيمي، يتموقع هذا الكتاب كمسعى واجتهاد منهجي معرفي لمقاربة تيمة الذاكرة في تشعباتها الدلالية: الذاكرة التاريخية/الذاكرة الجمعية/الذاكرة الجماعية/ الذاكرة الثقافية/ الذاكرة الحضارية/ أماكن الذاكرة... وتبيئتها من جهة ثانية في تربة احتياجات النهوض بالذاكرة الثقافية السلاوية الغزيرة العمق والتفاعلات داخليا وخارجيا، معمارا وعمرانا وأنماط وفنون عيش وتقاليد وعادات وكل ما يشكل هوية للمشترك من قيم ومعتقدات وطبائع وطقوس وأنشطة طبعت الشخصية السلاوية، وأكسبتها فرادتها وكبرياءها في تاريخيتها المنغرسة جدورها بدون انقطاع لآلاف السنين.