فن وإعلام

"صمت الكمنجات" او صراع الأجيال...

عبد الإله الجواهري (مخرج)

لا أعتقد أن مخرجا مغربيا يستحق الإحترام والتقدير مثل سعد الشرايبي، بالنظر لإصراره على الحضور المتوازن وابداع أفلام جنبا إلى جنب مع مخرجين من مختلف الأعمار خاصة الشباب الصاعد بقوة.

الشرايبي مدرسة سينمائية حقيقية بتواضعه الجم، وسعة معرفته وانسانيته الغامرة بالمحبة، محبة تسع الجميع، وتراهن دائما على نثر ورود الوفاء للصداقات، ومساعدة الطاقات الشابة الباحثة عن يد العون. 

في فيلم "صمت الكمنجات"، آخر أفلامه التي يشارك بها بمهرجان الفيلم الوطني بطنجة، قدم لنا سعد عالما مختلفا تماما عن العوالم التي قدمها من قبل في أفلامه، عالم الفن الموسيقي برؤية مغربية أصيلة، ونفس شبابي قل نظيره في تاريخ سينمانا الوطنية.

سعد عودنا من قبل على مشاهدة أشرطة مؤسسة على قيم الوفاء للقضايا الإجتماعية والتاريخية، لكنه في "صمت الكمنجات" غير بوصلته الإبداعية في اتجاه قضية اجتماعية فنية، حيث التركيز على صراع الأجيال وأحلامهم الموؤودة، وحب ما يؤمن به الفرد عن عشق حقيقي.

حكاية الفيلم تتمحور حول شابة تعاني من ضغط الأسرة بسبب حبها للموسيقى واصرارها على التفوق، اضافة الى كراهية زميلة لها بسبب حب مشترك لشاب. الشيء الذي جعلنا نعيش لحظات من المتعة الفنية المبنية على التضاد بين الشخصيات.

معالجة الفيلم تؤكد أن الشرايبي يساير روح الوقت، ويراقب المستجدات التي تخترق بنية المجتمع المغربي بعين ذكية، ويحاول ما امكن وبكل قدرة فنية ان يقدم موضوعا مختلفا، ومتناغما مع مواقفه المنتصرة دائما لثقافتنا المغربية.

الملحون كفن مغربي أصيل، وفي نفس الآن التجاور مع الموسيقى الكلاسيكية العالمية طيلة احداث الفيلم، تؤكد مرة اخرى ان سعد مخرج المفارقات، وسيد البحث في ما لا يتجرأ الكثير من مبدعي السينما تناوله في افلامهم، أي الانتصار للأصالة والدعوة للحداثة بجرأة المثقف المناضل.

خلاصة: سعد ورغم الأنواء والأحوال المتغيرة في مسار السينما المغربية، يظل شرايبيا حقيقيا وفيا لقناعاته، ومتشبث بحضوره الإبداعي اللافت.....