تنطلق أواخر شهر أبريل الجاري بمدينة قلعة مكونة بإقليم تنغير (جهة درعة-تافيلالت)، فعاليات الدورة 58 ل "مهرجان الورود" الذي داع صيته عبر العالم.
فبعد توقف إضطراري بسبب تداعيات جائحة كوفيد 19، سيعود هذا المهرجان الشهير، والذي إنطلق رسميا سنة 1962، لتنشيط الدينامية الاقتصادية والثقافية والسياحية والرياضية بمنطقة الجنوب الشرقي للمغرب.
المهرجان، والذي يعرف محليا باللغة الأمازيغية ب "أكدود ن تغرمت ن إمكون"، هو تاني أقدم مهرجان بالمغرب بعد "مهرجان حب الملوك" بمدينة صفرو بالأطلس المتوسط.
وتعود الارهاصات الأولى لهذا المهرجان لسنة 1930 عندما إنتبهت الإقامة العامة الاستعمارية الفرنسية لانتشار زراعة وقطف وتقطير الورود بواحة إمكون الجميلة والتي يباشرها أهالي المنطقة على جنبات قصباتهم الطينية الشامخة شموخ جبل أمكون، ثاني أعلى قمة جبلية بالمغرب بعد جبل توبقال. لأجل ذلك، أحدثت الإدارة الفرنسية سنة 1938 أول معمل لتقطير وتعليب وتسويق ماء الورد العطري الوردي، وبدأت في تصديره للبلدان الأوروبية، خاصة فرنسا والنمسا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.
وحاليا، ينتج بالمنطقة ما يناهز 3 ألاف طن من الورد العطري الوردي، وهو ثالث إنتاج عالمي بعد هنغاريا وتركيا، وهو مورد رئيسي للساكنة بعد تحويلات أبناء المنطقة المقيمين بالخارج.
وقد ظلت فعاليات مهرجان الورود بقلعة مكونة تستقطب إليها زوارا وسياح كثيرين لغاية السنوات الأخيرة بعدما بدأت تطفو لسطح الأحداث مشاكل مرتبطة بسوء التدبير والتسيير من قبل الجهات المشرفة على التنظيم وصلت في 2019 لحد التهديد باللجوء للقضاء.
وفي 2020، توقف المهرجان الشهير لأول مرة في تاريخه بسبب انتشار جائحة كورونا، ولكن أيضآ لأسباب أخرى مختلفة.
وعلى مدى ثلاث سنوات، عانت التعاونيات الانتاجية المحلية، وخاصة منها النسائية، من جراء هذا التوقف، وطالت تداعيات ذلك القطاعات الأخرى خاصة منها السياحية والثقافية.
وبعد صدور القوانين المتعلقة بتدبير الأراضي السلالية، وفقا لتوجيهات سامية صادرة في خطاب لجلالة الملك في الموضوع سنة 2018، إستبشرت النساء وأيضا الشباب بإقليم تنغير وجهة درعة-تافيلالت خيرا بقرب إطلاق ديناميات تنموية في إطار "مخطط المغرب الأخضر" لإحداث تعاونيات فلاحية ومواكبتها من قبل سلطات الوصاية الإقليمية والمركزية ومن مختلف المتدخلين، خاصة وزارة الفلاحة وكذا المجالس المنتخبة محليا وإقليميا وجهويا.
وقد إنطلقت فعليا، في 2022، أولى طلبات العروض المتعلقة بكراء أراضي سلالية لإحداث مشاريع فلاحية بالمنطقة طبقا للمقتضيات القانونية الجديدة، وهي مبادرة محمودة يجب مواكبتها بالجدية والمسؤولية من قبل سائر المعنيين، مستمثمرين كانوا أو إدارة ومؤسسات عمومية ومهنية..
في هذا الإطار، يستوجب الأمر إعطاء دعامة من قبل السلطات الحكومية المركزية لمواكبة هذه الدينامية، وذلك من خلال بلورة وتفعيل مخطط للتسويق المجالي بجهة درعة-تافيلالت عامة وإقليم تنغير بشكل خاص.
وبالنظر للشهرة العالمية لمهرجان الورود بقلعة مكونة، هذه المدينة التي تقع على بعد 60 كلم فقط من مدينة ورزازات، الشهيرة بدورها باحتضان تصوير الانتاجات السنمائية العالمية، فإن وزارة الثقافة تحديدا مطالبة بلعب دور رئيسي في صياغة رؤيا للتسويق الثقافي لمهرجان الورود بقلعة مكونة، ويمكن أن تباشر ذلك وطنيا في إطار تصنيف "علامة المغرب" التي أعطيت إنطلاقتها السنة الماضية بوجدة، وأيضا من خلال الترافع لتسجيل مهرجان الورود في قوائم الموروث الثقافي الإنساني لليونيسكو.
فمن شأن هذه الديناميات المندمجة، إقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا، أن تعيد لجهة درعة-تافيلالت وهجها وريادتها كواحدة من أهم الوجهات السياحية، ليس فقط على الصعيد الوطني، بل أيضا على الصعيد العالمي.
فهل من تفاعل إيجابي ..
* الصورة:
إحدى المنافسات في فعالية "ملكة جمال مهرجان الورود" بقلعة مكونة في دورة سابقة.






