قضايا

كارثة آسفي: هل كانت مجرد "قضاء وقدر"؟

لطيفة سبأ (صحفية)

​تعيش مدينة آسفي على وقع فاجعة حقيقية، أودت بحياة الأبرياء، وغرقت معها أحلام وأرزاق السكان. ففي ظرف ساعة واحدة فقط، تحولت المدينة الساحلية الهادئة إلى منطقة منكوبة تتقاذفها سيول جارفة، تاركة وراءها 21 ضحية وعشرات المتضررين، وخسائر مادية لا تُحصى. إن حجم الكارثة يفرض علينا وقفة تأمل قاسية بعيداً عن العواطف، لنطرح السؤال الأهم: هل كانت هذه الكارثة حتمية، أم أن الإهمال والتقصير كان لهما دورا محوري في وقوعها؟

​ دأبت المديرية العامة للأرصاد الجوية على نشر إنذارات جوية تتوقع فيها تساقطات مطرية غزيرة وعواصف رعدية في مناطق مختلفة، هذه النشرات لا تُصدر إلا استناداً إلى معطيات علمية دقيقة، وهي بمنزلة إشارة ضوء حمراء للسلطات المحلية لتفعيل خططها الاستباقية للتعامل مع الفيضانات.

​وهنا يطرح التساؤل المؤلم نفسه: ما هي الجدوى من كل هذه النشرات والإنذارات، إذا لم تُترجم إلى إجراءات عملية على الأرض؟

​أين كانت فرق الصيانة لتسريح مجاري المياه وقنوات الصرف الصحي التي سرعان ما امتلأت أو انسدت، ما حول الشوارع إلى مصائد مائية؟

​أين هي الخطط الاستباقية لإخلاء المناطق الأكثر عرضة للفيضان، وخاصة الأحياء القديمة؟​

​إن ما حدث في آسفي لا يمكن اختزاله في كونه مجرد كارثة طبيعية. فالمطر الغزير، وإن كان استثنائياً، كان متوقعاً. لكن ما لم يكن متوقعاً هو غياب الجاهزية الكلي، وهو ما يتحمل مسؤوليته المباشرة كل من يُناط به تدبير الشأن المحلي والبنية التحتية للمدينة.

​​أكدت الكارثة أن هناك تقصيراً في تفعيل التدابير الاحترازية رغم الإنذارات الواضحة.

​الفيضانات حولت أسوار آسفي وشوارعها العريقة إلى مقبرة لأحلام البسطاء.

​آن الأوان لأن تتوقف السلطات عن الاكتفاء ببيانات التعزية ووعود التعويض بعد فوات الأوان. يجب أن تبدأ مرحلة المحاسبة الجادة لتحديد المقصرين والمتهاونين الذين تجاهلوا واجبهم الإنساني والمهني، وتركوا المواطنين يواجهون قدرهم بمفردهم في مواجهة مياه لم يكن يفترض أن تبلغ هذا المستوى من الدمار.

​إن آسفي تستحق إدارة محلية أكثر يقظة وأكثر استعداداً؛ فسلامة المواطنين ليست مسألة يمكن تركها للصدفة أو للتسويف.