رياضة

المغرب يحتضن ذاكرة الكرة الإفريقية

كفى بريس (و م ع)
أعطيت، السبت بسلا، انطلاقة مبادرة “كأس اليونسكو للمواطنة”، المنظمة بشراكة بين منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ومؤسسة المغرب 2030، بدعم تقني من جمعية “تيبو أفريقيا” (Tibu Africa)، وبمشاركة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة.


 وتعد هذه المبادرة، التي تندرج في إطار الشراكة الاستراتيجية بين اليونسكو ومؤسسة “المغرب 2030” لتعزيز الإرث الاجتماعي للتظاهرات الرياضية الكبرى بالمغرب، مكونا رئيسيا للمبادرة الوطنية “الرياضة، محرك للتغيير في المجالات الترابية”، وذلك استعدادا لاستقبال كأس الأمم الإفريقية 2025.


وجمعت المحطة الأولى لهذه المبادرة 24 فريقا يضم 192 شابا وشابة تتراوح أعمارهم بين 14 و18 سنة من أحياء مختلفة، ضمن دوري مبتكر يجمع بين مباريات كرة القدم وورشات تربوية حول قيم المواطنة.


وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد مدير مكتب اليونسكو بمنطقة المغرب العربي، شرف أحميمد، أن هذه المبادرة التي تندرج في إطار برنامج اليونسكو للقيم الرياضية، تهدف إلى ترسيخ قيم الحوار والاحترام والمساواة لدى المشاركات والمشاركين من مختلف جهات المملكة.


 وأضاف أن هذه التظاهرة الرياضية ستشكل فرصة حقيقية للشباب المغربي للاستفادة من الزخم الذي تخلقه التظاهرات الرياضية الدولية التي ستحتضنها المملكة، وفي مقدمتها كأس الأمم الإفريقية، فضلا عن تظاهرات كبرى أخرى خلال السنوات المقبلة.


من جهته، أكد المدير العام لمؤسسة “مغرب 2030″، معاد حجي، أن هذه المقاربة الشمولية من شأنها تمكين الشابات والشباب المغاربة من الاضطلاع بدور فاعل وأساسي في تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى التي تحتضنها المملكة.


وسجل حجي أن هذا الحدث يشكل محطة أولى في مسار متواصل، في أفق استحقاقات رياضية مقبلة، بما يتيح لهؤلاء الشباب أن يكونوا فاعلين أساسيين في تنظيم التظاهرات الكروية المقبلة التي ستحتضنها المملكة.


من جانبه، أكد الرئيس المؤسس لجمعية “تيبو أفريقيا”، محمد أمين زرياط، أن هذه المبادرة تهدف إلى منح الشباب اليافعين فرصة المشاركة في مجموعة من الأنشطة والورشات ذات الطابع الرياضي، فضلا عن تطوير مهاراتهم سواء التقنية أو الاجتماعية.


 ولفت إلى أن هذا الحدث يهدف أيضا الى تمكين الشباب غير النشيطين مهنيا من الاستفادة من تكوينات متخصصة في مجالات المهن المرتبطة بالرياضة، تعميم أجواء الفرحة الوطنية التي يعيشها المغاربة بمناسبة تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025، وضمان إشراك جميع مناطق المملكة في هذا الحدث القاري البارز.


 وستركز الورشات، استنادا إلى دليل اليونسكو لقيم الرياضة، على ثلاثة محاور رئيسية، لا سيما الاحترام، والإدماج، والإنصاف، فيما ستتولى مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة تنظيم ورشة خاصة للتحسيس بالسلوكيات الإيكولوجية والالتزام البيئي، باعتبارها جزءا من المواطنة الفاعلة.


وسيعتمد “دوري المواطنة” (Match Citoyen)، الركيزة الأساسية لهذه الآلية، على نظام تنقيط يجمع بين النتائج الرياضية والسلوكيات التي تتم ملاحظتها على أرضية الملعب، مما يضع القيم الإنسانية في صلب الممارسة الرياضية.


وسيجري تعميم “كأس اليونسكو للمواطنة” في ست جهات و24 إقليما بالمملكة بين دجنبر 2025 ويناير 2026، حيث ستعبئ المبادرة أكثر من 1700 شاب، مع الحرص على المناصفة التامة في المشاركة بين الفتيات والفتيان.

وكان أول كأس من هذه البطولة القارية تكريما لعبد العزيز عبد الله سالم، المهندس المصري وأول رئيس للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم؛ وجرى تقديمه خلال النسخة الافتتاحية التي احتضنها السودان سنة 1957، حاملا طموح الدول الإفريقية حديثة الاستقلال، التي اتخذت من كرة القدم واجهة للظهور على الساحة الدولية.


واعتمدت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم آنذاك عرفا شائعا يقضي بمنح الكأس نهائيا لأي منتخب يحرز اللقب ثلاث مرات. وكان المنتخب الغاني أول من حقق هذا الإنجاز بعد تتويجه أعوام 1963 و1965 و1978، إذ حيث شكل فوزه باللقب القاري على أرضه بالعاصمة أكرا سنة 1978 نهاية تداول “كأس سالم”.


وبعد عقود من دخوله ضمن التراث الوطني الغاني أعلن عن سرقة الكأس من مقر الاتحاد الغاني لكرة القدم، دون أن يتم العثور عليه إلى اليوم. ورغم أن غانا تبقى أول دولة تفوز وتحتفظ بكأس إفريقيا للأمم فإن اختفاء الكأس الأصلي أضفى مسحة من الأسى على هذه الصفحة المشرقة من تاريخها الكروي.


وعقب سحب أول كأس قررت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم اعتماد مجسم جديد يواكب مرحلتي الثمانينيات والتسعينيات، وهي فترة تميزت بتوسع المنافسة على المستويات الرياضية والإعلامية والاقتصادية. وهكذا أصبح مجسم “كأس الوحدة الإفريقية” رمزا لبطولة آخذة في النمو، تبث بالألوان، وتستقطب منتخبات تزخر بلاعبين محترفين في كبريات الدوريات العالمية.


وظلت قاعدة التتويج ثلاث مرات متتالية سارية المفعول، ليحظى المنتخب الكاميروني، بعد ألقابه أعوام 1984 و1988 و2000، بشرف الاحتفاظ بالكأس نهائيا. وشكل تتويجه في لاغوس سنة 2000 المحطة الختامية لمجسم كأس الوحدة الإفريقية، الذي أصبح جزءا من رصيد “الأسود غير المروضة”.


واختارت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم تصميما جديدا لكأس البطولة، فقد جرى تقديم الكأس الحالي خلال نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2002 بمالي، وهو من تصميم شركة إيطالية، يتميز بكرة ذهبية، وأغصان الغار، وقاعدة مخروطية، أنيق، معاصر يسهل التعرف عليه من الوهلة الأولى.


وبحجمه الأكبر ونحته الأكثر بروزا قرّب هذا المجسم بطولة كأس إفريقيا للأمم من المعايير البصرية المعتمدة في كبريات التظاهرات الكروية العالمية.


ومع مطلع الألفية الثالثة أدركت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أن الاحتفاظ بالكأس كل دورتين أو ثلاث يضر بالاستمرارية البصرية للمسابقة، ويكلفها أعباء مالية إضافية. ومنذ سنة 2002 بات الكأس الأصلي ملكا دائما لـ”الكاف”، إذ يقوم المنتخب المتوج برفعه والاحتفاظ به خلال فترة حمله اللقب، قبل إعادته، فيما تمنح الجامعة الفائزة نسخة رسمية، ويتسلم اللاعبون ميدالياتهم.


ويتم نقش اسم كل بطل جديد على قاعدة الكأس الأصلي، في سلسلة متواصلة منذ 2002، بينما تحرص الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم على حفظ الكأس بين الدورات في ظروف دقيقة وصارمة.


ومنذ النسخة الأولى لكأس أمم إفريقيا إلى اليوم ظل كأس البطولة محط أنظار وطموحات المنتخبات المشاركة، مكرسا مكانة “الكان” كحدث قاري يجسد القيادة الإفريقية والتميز الرياضي.


في ما يلي ملخص تاريخي لتطور كأس إفريقيا للأمم:

– 1957:إطلاق كأس أمم إفريقيا واعتماد “كأس سالم”


– 1963… 1978: غانا تحرز ثلاثة ألقاب وتحتفظ بالكأس الأولى (1978)


– 1980: اعتماد “كأس الوحدة الإفريقية”


– 1984… 2000: الكاميرون تفوز بثلاثة ألقاب وتحتفظ بالكأس الثانية (2000)


– 2002: تقديم الكأس الحالي؛ الكاميرون أول من يتوج به


– 2006… 2010: ثلاثية تاريخية لمصر، مع منحها نسخة رسمية من الكأس


– منذ 2010: الكأس الأصلي يبقى ملكا لـ”الكاف”، والفائزون يحصلون على نسخة منقوشة