قضايا

انزلاق الخطاب الحزبي نحو "تفخيم" الزعامات ومحاولة إلباسها لبوساً "شبه مقدس" لا يليق إلا برمز وحدة الأمة

عبد العزيز ملوك (تدوينة)

وجدت البرلمانية ياسمين لمغور، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، نفسها في قلب عاصفة من الانتقادات، بعدما خانتها العبارات (أو ربما الحماسة الزائدة) خلال لقاء حزبي بالرباط، لتسقط في "محظور سياسي" دقيق. 


وخاطبت "دينامو" شبيبة الأحرار رئيسها عزيز أخنوش، قائلة إن الجماهير حجت من كل الأقاليم لـ "تجديد العهد" معه، وهي عبارة أثارت استهجان المتابعين للشأن السياسي، لما تحمله من حمولة ثقيلة في القاموس السياسي المغربي.


ويبدو أن البرلمانية الشابة، في غمرة ترحيبها بـ"الرئيس"، نسيت أو تناست أن عبارات "تجديد العهد" و "توافد الأقاليم" و "تجديد الولاء"، هي طقوس ومصطلحات سيادية محفوظة حصرياً في التقاليد المغربية الراسخة للملك، بصفته أمير المؤمنين ورئيس الدولة. واعتبر مراقبون أن ما تلفظت به لمغور ليس مجرد "زلة لسان" عابرة، بل هو مؤشر مقلق على انزلاق الخطاب الحزبي نحو "تفخيم" الزعامات السياسية، ومحاولة إلباسها لبوساً "شبه مقدس" لا يليق إلا برمز وحدة الأمة.


ما فات السيدة البرلمانية، وهي تفرش "السجاد الأحمر" لغوياً أمام رئيسها، هو أن عزيز أخنوش، مهما علا شأنه السياسي أو المالي، يظل أميناً عاماً لحزب ورئيساً لحكومة يستمد شرعيته من "صناديق الاقتراع" والتعيين الملكي، وليس من "بيعة" الأقاليم أو "تجديد العهد" الجماهيري. فالأقاليم المغربية، كما هو راسخ في الثقافة السياسية والدستورية للمملكة، لا تحج لتجديد الولاء لرئيس حزب في قاعة مكيفة، بل تجدد البيعة والولاء للعرش في طقوس سيادية معروفة، تشكل الرابط المتين بين الملك وشعبه عبر القرون.


إن محاولة "السطو" على القاموس الملكي لإسقاطه على زعيم حزبي، هو خطأ بروتوكولي وسياسي فادح، يسائل التكوين السياسي للنخب الجديدة التي يفترض فيها أن تميز بين "الولاء الحزبي" الضيق والمؤقت، وبين "الولاء الوطني" والدستوري الثابت للملكية. 


وختاماً، قد تحتاج السيدة البرلمانية إلى مراجعة بسيطة لـ"معجم المصطلحات السياسية المغربية"، لتدرك أن "العهد" في المغرب واحد، والبيعة واحدة، وأن الأحزاب السياسية لا يمكنها، بأي حال من الأحوال، أن تحل محل رموز الدولة والسيادة.