قضايا

تصريحات وزير التعليم التي .. لا محل لها من الإعراب

إبراهيم حيمي
يبدو أن وزير التعليم قرر هذه المرة أن يقول الحقيقة المرة كاملة دون شعوره بما يقول. فخرج معاليه بتصريح أقل ما يمكن ان يقال عنه أنه تصريح غير مسؤول بتاتاً، وأكثر من زلة لسان. بحيث كشفت نواياه ما تخفيه السياسات الحكومية المتبعة وأكثر مما تعبر عنه الوثائق الرسمية.

 حين يطلب الوزير من المواطنين أن يبحثوا عن مدارس “الريادة” الصالحة، فهو ببساطة يعلن دون خجل أن باقي المدارس غير صالحة، وأن الأساتذة العاملين خارج دائرة “الريادة” دون المستوى. هكذا وبكلمة واحدة قسم الوزير المدرسة المغربية إلى مستويين:

تعليم جيد لبعض المحظوظين، وتعليم رديء لباقي افراد الشعب. بدل أن يعترف بوجود خلل بنيوي، اختار أن يقول للمغاربة: “قربو لمدارس الريادة”، وكأن الحل في يد المواطن لا في يد الوزارة التي تصرف المليارات وتعد الاستراتيجيات وتُغرق البلد بلجان التتبع والتقييم. والأدهى من ذلك أنه يطالب المواطن بــ"تقريب البيت من المدرسة" بينما المفروض في أي دولة تحترم نفسها أن تقرب المدرسة من المواطن، لا العكس. فهل هي زلة لسان؟ أم هي الحقيقة التي نطقت بها اللغة قبل أن تتدخل الرقابة السياسية لتجميل الخطاب؟ هذا النوع من التصريحات لا يمكن أن يُفهم إلا باعتباره إقراراً رسمياً بأن الدولة تعرف جيداً أن منظومتها التعليمية غير متوازنة، وأن "الريادة" ليست إلا جزيرة صغيرة داخل محيط واسع من الارتباك والفشل. 

والأخطر أن الوزير، بقصد أو بغير قصد، يحمل المواطن مسؤولية أزمة التعليم، بينما المسؤول الحقيقي هو المنظومة التي يديرها هو بنفسه. مثل هذه الأخطاء ليست مجرد هفوات، بل هي مؤشرات على عقلية تعتبر الشعب دائماً جزءاً من المشكلة، لا شريكاً في الحل. ما قاله الوزير ليس مجرد تصريح، بل مرآة تعكس الطريقة التي تُدار بها السياسات: ارتجال في الخطاب، ضبابية في الرؤية، وتناقض بين ما يُعلن وما يُضمر. ولذلك يبقى السؤال مطروحاً: هل أخطأ الوزير في التعبير؟ أم أنه من حيث لا يدري قال الحقيقة التي تحاول الحكومة إخفاءها منذ سنوات علىالشعبالمغربي؟