فن وإعلام

هنا الرباط....إذاعة المملكة المغربية ...بديعة ريان...هذه أنا

جمال هنية

لم تكتف المذيعة المغربية بديعة الفاسي بالارتباط بزميلها في مهنة المتاعب أحمد ريان، بل نالت اسمه العائلي وأصبح الجميع يعرفها بـ«بديعة ريان»، فيما ظلت شقيقتها لطيفة، مقدمة النشرات الإخبارية بالإذاعة والتلفزيون، محافظة على لقب الفاسي. وعللت بديعة هذا التعديل برغبتها في الاختلاف عن اسم شقيقتها لطيفة التي كانت تشتغل معها بالدار والصفة نفسيهما، وسعيها لإزالة اللبس وتجنيب المستمعين الخلط الذي ربما يصادفهم بسبب عملها مع شقيقتها لطيفة داخل المؤسسة ذاتها.


أعجبت الشابة بديعة بخصال أحمد، وخاصة سعيه إلى فعل الخير والعمل على فض النزاعات التي كانت تحدث في العمل، كما سقطت في حب فصاحته اللغوية وقوة صوته وطلاقة لسانه، ووسامته وأناقته.. فكان الارتباط من أول نظرة وزواج أثمر أربعة أبناء: (صلاح الدين، وهو مهندس معماري)، (وفاء، مديرة مدرسة بكندا)، (فدوى، صيدلانية) و(فاتن، إعلامية).

اشتغلت بديعة ريان في سن مبكرة في بعض الوصلات الإشهارية، وشاركت العام 1957 في عملين سينمائيين للمخرج الفرنسي ريتشارد شوني، حيث كانت أول امرأة مغربية تقف أمام الكاميرا، رفقة زوجها، أحمد ريان والفنان حمادي التونسي والراحلين العربي الدغمي ومصطفى الكنفاوي، كما تنقل الزوجان وأبناؤهما بين الرباط وطنجة، خاصة بعد أن عين أحمد رئيسا لمحطة إذاعة طنجة، قبل أن يعود للعاصمة لشغل مناصب في دواوين وزيري الثقافة والبريد.


رافق أحمد زوجته في محنتها، خاصة في صراعها مع إدريس البصري حين كان يحكم قبضته على الإعلام، وظل الزوج يؤازر زوجته في معركتها التي انتهت بتوقيفها عن العمل لمدة عامين. تقول بديعة في مذكراتها «هذه أنا»، التي تحكي فيها أسرار مسيرتها الإعلامية والفنية، إنها توقفت عن الاشتغال في المجالين الإعلامي والسينمائي منذ العام 1986، بعد أن تعرضت لتعنيف معنوي من طرف إدريس البصري عبر مدير الإذاعة و التلفزة آنذاك طريشة.

صدر قرار بطرد كل من بديعة ريان ولطيفة القاضي وخديجة المراكشي ولطيفة الفاسي، لرفضهن التعامل مع التحول الجديد الذي جعل الإعلام تحت وصاية الداخلية. وتعرضت بديعة ورفيقاتها للطرد لمدة عامين، وظلت أسيرة بيتها لا تجرؤ على مغادرته خوفا من جبروت البصري ورجالاته، وحين عادت بديعة إلى التلفزيون سنة 1988، بقرار ملكي، لم تتوقف المضايقات عبر تجميد الوضعية الإدارية لها إلى الأدنى.


التفت الملك الراحل الحسن الثاني لوضعية الزوجين، ودعاهما للمثول بين يديه، بل قرر إرسال بديعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلاج على نفقته، بعد أن علم بحجم الحيف الذي لازمها من البصري ومن طريشة، العامل الذي أدار قطاع الإذاعة والتلفزيون بمنهجية أمنية....


لنتذكر فقط... المنسيون.