موقف النظام الجزائري من نزاع الصحراء لا يُفهم فقط من خلال الخطاب الرسمي، بل أيضا من خلال الأهداف المعلنة والخفية (الاستراتيجية) التي تُحرك سياسته منذ السبعينيات. وهذه محاولة لفهم أهداف هذا النظام من النزاع:
أولا: الأهداف المعلنة رسميا
النظام الجزائري عادة ما يقدم موقفه في الأمم المتحدة وغيره على أنه قضية "تصفية استعمار"، ويقول إنه:
1. يدافع عن "حق تقرير المصير" للشعب الصحراوي، انسجامًا مع مبدأ قديم في سياسته الخارجية منذ حرب التحرير.
2. يعتبر نفسه "بلدا مراقِبا" وليس طرفًا مباشرا، رغم احتضانه للبوليساريو.
3. يتبنى موقفًا مبدئيا ضد ما يعتبره "ضمًّا بالقوة".
4. يربط الحل بالشرعية الدولية، أي بالاستفتاء الذي لم يتحقق.
لكن هذه الأهداف المعلنة تغطي خلفها حسابات أعمق وأخطر بكثير.
ثانيًا: الأهداف الخفية أو غير المعلنة
1 .إضعاف النفوذ المغربي إقليميًا
العسكر يعتبر المغرب منافسه الجيوسياسي التاريخي في شمال إفريقيا والساحل.
بدعمه للبوليساريو، يبقي المغرب منشغلا عسكريا وسياسيا في الجنوب، ويمنع تمدده نحو العمق الإفريقي.
2. الوصول إلى المحيط الأطلسي
أحد أكبر الدوافع الإستراتيجية: الجزائر دولة مغلقة ومحاصرة بريا، وتطمح إلى منفذ بحري على المحيط الأطلسي عبر "دولة صحراوية" موالية لها.
هذا المنفذ يمنحها نفوذا اقتصاديا وعسكريا، ويجعلها لاعبا أساسيا في تجارة إفريقيا الغربية والطاقات المستقبلية.
3. الهيمنة على توازنات الاتحاد المغاربي
إقامة "دويلة صحراوية" تجعل النظام الجزائري "زعيما" للكتلة الجديدة في الاتحاد المغاربي، ويضعف المغرب وتونس وموريتانيا اقتصاديا.
فشل مشروع الاتحاد المغاربي يخدم هذا، لأنه يمنع قيام سوق موحدة قد يستفيد منها المغرب أكثر.
4. التحكم في الملف كورقة تفاوض دولية
النظام الجزائري يستخدم قضية الصحراء كورقة تفاوض مع فرنسا، روسيا، الصين، وأمريكا لتقوية موقعه الجيوسياسي.
كلما احتد النزاع، زادت حاجة القوى الكبرى إليه كطرف "مفتاحي" في المنطقة.
5. استهلاك داخلي سياسي
النظام الجزائري يوظّف قضية الصحراء لخلق إجماع وطني وصرف الانتباه عن الأزمات الداخلية (شرعية الحكم، الاقتصاد، الفساد، الحراك الشعبي...).
الإعلام الرسمي الحزائري التابع للنظام يصوّر الصراع كـ"معركة
مقدسة" لحماية "الثورة" والهوية
خلاصة
النزاع إذن بالنسبة للنظام الجزائري ليس فقط "قضية تقرير مصير"، بل أداة استراتيجية لإعادة توازن القوى في المنطقة المغاربية، ووسيلة للضغط الدبلوماسي المستمر على المغرب.
لكن المفارقة أن استمرار الصراع يضرّ بالمنطقة كلها اقتصاديا وأمنيا، ويؤجل أي مشروع اندماج مغاربي حقيقي.
لكن، إقرار الأمم المتحدة لمقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية أساسا لأي تفاوض لايجاد حل سياسي للنزاع ، سيقلب الوضع في غير صالح النظام الجزائري الذي اصبح شغله الشاغل هذه الأيام هو الدعاية الاعلامية لتحويل فشله الذريع إلى نوع من "النصر" باختلاق حكايات أسطورية يفندها الواقع.!






