قضايا

تازة وغزة... الخلاف الغلط

مصطفى الرميد (محامي/ وزير العدل الأسبق)

تعرف الساحة السياسية والإعلامية الوطنية خلافات وتجادبات حول تفضيل تازة بما تعنيه من هم وطني، على غزة بما ترمز إليه من هم قومي وديني، أو العكس.

غير أن هذا النوع من الخلاف يبقى خلافًا مصطنعًا لا أساس له في وجدان عموم المغاربة واختياراتهم المبدئية، ذلك أنه ليس هناك من تناقض بين (تازة) و (غزة) إلا لدى فئة قليلة ترى أن الانتصار للقضايا المصيرية للوطن يمر عبر التنصل من قضاياه القومية، وهمومه الإسلامية، والدفع به في اتجاه إبرام تحالف مشبوه مع الكيان الإجرامي، أو العكس، بما لا يجوز بالنسبة لكل من تجري في عروقه الروح الوطنية الصادقة.

إن المملكة المغربية ظلت منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، واستمرت مع خلفه الملك محمد السادس، تدافع بشراسة عن القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، وتتبوأ رئاسة لجنة القدس بما تعنيه هذه الرئاسة من رمزية وحساسية، وما تفرضه من أعباء مادية ومعنوية، ولو كان الموضوع يطرح أي إشكال في هذا الشأن، لكان المغرب قد تخلى عن هذه المسؤولية الجسيمة، وأدار ظهره لها، واعتكف على الهم الوطني بشكل تام ونهائي.

لذلك، فإن من يرفع شعار تازة باعتبارها أولوية وطنية، غير متنكر لغزة، من باب تغليب الخاص على العام، والوطني على القومي، فهذا موقف متفهم، وصاحبه معذور، أما إذا كان رفع شعار تازة، من أجل التنصل من واجب نصرة غزة، بل والتماهي مع الموقف الصهيوني، فهذا موقف لا يليق بالمغاربة الأحرار، ولا يتماشى مع الموقف الإنساني المقرر عبر العالم.

إننا نحن المغاربة إذ نعتز بمغربيتنا، فإن ذلك يفرض بالضرورة علينا الانحياز التام لقضايانا الوطنية مهما كانت انتماءاتنا وقناعاتنا، لأن المغرب هو البيت الذي يأوينا، والدرع الذي يحمينا، ومن ثم فالانتصار له، والانحياز لقضاياه المصيرية، فريضة عين علينا جميعًا.

كما أننا سواء كنا ننتمي لمحيطنا بمنطق الدين أو القومية، أو على الأقل بحكم الإنسانية، فسنجد أنفسنا مع غزة، ومع الضفة، ومع القدس، وفي صف الإنسانية النبيلة.