1 فيلم ''الثلث الخالي'' من إخراج فوزي بنسعيدي، وبطولة عبد الهادي طالب، وفهد بنشمسي...
يعتبر فيلم ''الثلث الخالي'' هو أحدث أعمال فوزي بنسعيدي، ويشكل استمرارية للرؤية والاسلوب الذي تميز بهما لا من حيث اللغة السينمائية المستعملة بجماليتها البصرية، ولا من حيث المعالجة الفكرية والاجتماعية... وطرح الإشكاليات المتجذرة في المجتمع المغربي من خلال مواقف وأحداث متداخلة تتراوح بين الكوميديا والتراجيديا، والجميل لدى فوزي بنسعيدي في هذا الفيلم أنه وفق كما دائما في الإبتعاد عن الملامح المبهمة للبناء السردي، ونجح في الإقتراب من المتلقي رغم تكتل الإيحاءات والإشارات الرمزية في بعض المشاهد، إلا أنها تبقى رموزا قابلة للحل والتفكيك بسهولة، مما يعطي المُشاهد القدرة على المتابعة السلسة والتفاعل المباشر مع أحداث الفيلم. بطلا الفيلم الفنانان عبد الهادي طالب، وفهد بنشمسي كانا متميزين للغاية وكل واحد منهما كمل الآخر. الفيلم باختصار جميل وممتع ومنفتح على مختلف القراءات.
2 فيلم ''التدريب الأخير'' من إخراج ياسين فنان وبطولة نبيل المنصوري، عبد الإله عاجل، حسناء طمطاوي، جميلة الهوني، جمال العبابسي، هند بلعولة، بثينة اليعقوبي...
يحسب لصناع هذا الفيلم أنهم تناولوا تيمة بنكهة جديدة في سينمانا، وأنا هنا أتكلم في إطار محلي محض، بل حتى كيفية معالجتها غير كلاسيكية بالمرة، التيمة التي أتكلم عنها هنا تتمحور باختصار حول توظيف المسرح بعوالمه وعناصره في السينما، طبعا مع خلق خيوط درامية تتحكم في هذا التوظيف وتجعله قابلا للهضم السينمائي، الفيلم رغم محدودية فضائه وأحداثه لكنه خلق لنفسه إيقاعا سريعا وتخلص بذكاء من فخ الملل والتمطيط، اعتمادا على السيناريو المتقن، والمونطاج الاحترافي والمدروس بعناية، واسلوب التصوير، والمعالجة الاخراجية التي تفنن فيها ياسين فنان، ففي كل مشهد تلمس بصمته واضحة ومواكبة لسيرورة البناء الدرامي وكذا التشخيص، وهذا طبعا يحسب له ويحسب لكل من ساهم في إنجاز هذه التحفة الجميلة، المحور الأساسي والرئيسي في الفيلم هو الممثل، فكأنك أمام عرض مسرحي، حيث لا كلمة تعلو فوق كلمة الممثل الماثل أمامك، وهذا ما جعلنا نستمتع في القليل من المرات بتشخيص أكثر من رائع شارك فيه كل الممثلين دون استثناء.
3 فيلم "أبي لم يمت" من إخراج عادل الفاضلي، وبطولة عزيز الفاضلي، عبد النبي البنوي، فاطمة عاطف، نادية كوندا، فوزي بنسعيدي، محمد خويي، عمر لطفي...
الفيلم أخذني في رحلة سينمائية ممتعة، وهذه حقيقة، لم أشعر داخل هذا الفيلم بالاغتراب بل بالانتماء الى أجوائه، الى كل تفاصيله المغربية المتعددة والمختلفة المستفزة لذاكرتنا الجماعية، نوستالجيا ملونة بألوان سياسية سبعينية وثمانينية، لوحات بصرية جميلة مرسومة بالأضواء والظلال، اجتهاد كبير في الديكور والتصوير قلما نصادفه في افلامنا المغربية أعطى للفيلم هذا التميز البصري، موسيقى تصويرية حية ذات معنى أنعشت روحه الإبداعية وعززت المتعة الفنية داخل كل مشهد من مشاهده، الفيلم لا يسرد قصة، فهناك مجموعة من المواقف المتناثرة داخل مشاهد مختلفة، وكأنك داخل ذاكرة مبعثرة تحاول أن تُجمع ما خزن فيها من صور، وأن تتذكر كل شيء عن مرحلة معينة، لكنها لم تنجح سوى في رسم عناوين عريضة ذات اسقاطات سياسية وشعبية ودينية وثقافية... عليك كمتلق جمعها بنفسك وربطها ببعضها البعض داخل مخيلتك، أنت في هذا الفيلم من بدايته الى نهايته داخل سيرك شعبي حرفيا أو ما يصطلح عليه "لا فوار " بصخبه وعروضه وناسه وعبثيته وسرياليته وسذاجته... ومجازا انت داخل مجتمع يحمل كل هذه الصفات باعتباره سيركا بعروض اجتماعية وسياسية وأمنية... عبثية مفككة، الظاهر أن عادل الفاضلي كمخرج كان واعيا بالتصور الذي أراد تقديمه وتوصيله للمتلقي، فحاول صياغة عمل متكامل انفرطت بعض حباته، لكنه يبقى عملا إبداعيا مغربيا محترما واستثنائيا وممتعا يجمع بين جمالية الصورة والموسيقى، والتشخيص حيث كان الفنان عبد النبي البنوي متميزا وحاضرا بقوة وهذا العمل إضافة مهمة في مساره التشخيصي، وأيضا فاطمة عاطف، التي تبقى متميزة في أي عمل تشارك فيه، وأيضا الراحل عزيز الفاضلي، ونادية كوندا، وفوزي بنسعيدي... أما الطفل آدم الرغال فقد كان هو الشاهد وهو صلة الوصل بيننا كجمهور وبين أحداث الفيلم.
4 فيلم "على الهامش" من إخراج جيهان البحار وبطولة خليل أوباعقى، هند بنجبارة، فاطمة الزهراء بناصر، عبد اللطيف شوقي، عزيز داداس، ماجدولين الإدريسي...
الفيلم ليس فيلما سينمائيا فلسفيا عميقا في أفكاره، ولا عملا فنيا غارقا في العمق الإنساني بكل تجلياته ومحدداته السيكولوجية والثقافية والعاطفية... ولا ندوة على الشاشة تهدف الى استجلاء الظواهر الإجتماعية بكل أبعادها محاولة ترميمها وإصلاحها، ولا منبرا للوعظ والإرشاد الأخلاقي... الفيلم لم يدّع كل هذا، ولم يحاول في أي مشهد من مشاهده أن يلعب هذا الدور، هو عمل سينمائي ممتع وكفى، فيلم بسيط في طرحه وحبكته، وتتجلى قوته في بساطته هذه، فيلم جامع لكل مقومات النجاح الجماهيري بدراميتها وكوميديتها القريبة من المتلقي المغربي، لم يسقط في فخ الاستسهال والابتذال الفج لا في دراميته ولا في كوميديته، فيمكنك أن تشاهده، وتتابع مجريات أحداثه من البداية الى النهاية بكل أريحية، التصوير كان جيدا الى ممتاز، والبناء الدرامي كان سلسا رغم بعض الهنات هنا وهناك، لكنها غير مؤثرة على التركيب العام، هناك بعض الكليشيهات لم ترقني شخصيا، ما شدني أكثر في الفيلم هو الثنائي هند بنجبارة/ياسمين، وخليل أوباعقى/ياسير، أكثر الثنائيات في الفيلم انصهارا وانسجاما، ''تلاقح تشخيصي'' مميز.
