وجه الباحث عبد الرحيم شراد رسالة مفتوحة إلى أعضاء لجنة تحكيم برنامج "النجم الشعبي"، يسلط فيها الضوء على عدد من الجوانب الفنية والتاريخية لفن العيطة، منتقدا انبهار اللجنة بأداء بعض المتبارين رغم ما أسماه "تحريف معنى العيطة".
وجاء نص الرسالة:"
أصارحكم القول ، خلال " البرايم الأول " لاحظنا انبهاركم المبالغ فيه إثر استماعكم لما اعتبرتموه بين قوسين (عيطة العمّالة). للأسف، لقد ضاعت وحدة الموضوع، وضاعت معها مضامين هذه العيطة التي تنتمي إلى النمط الحصباوي العبدي. ربما لم تكلفوا أنفسكم حتى عناء السؤال عن هوية "العَمَّالة "، ومن تكون.
سوف أختصر عليكم المسافة و أقول إن "العمالة " هي شخصية "الشعيبية" التي لم تذكرها المتبارية في الغناء، مع أنها شخصية لها دور محوري في قصة هذه العيطة.
إن الشعيبية هي المرأة التي أخذت حادة الزيدية بالحيلة و من هنا جاءت صفة ( العمالة) حيث أوهمت حادة (أي خربوشة) بأنها سوف تقابل حبيبها سيدي أحمد، والحقيقة أنها كانت مُسَخَّرَة من طرف والده القائد عيسى بن عمر ، الذي كان يريدها لنفسه، لكن خربوشة امتنعت و رفضت هذه العلاقة و في عيطة العمالة ما يدل على هذا الرفض بشكل صريح: ( إ لطيف آ لطيف .. الله آ سيدي المحبة ما شي بالسيف).
إن خديعة الشعيبية لصديقتها خربوشة لم تقف عند حدود استدراجها لمتعة عابرة مع عيسى بن عمر وإنما تعدتها إلى الوشاية الكاذبة حيث أخبرت سيدي أحمد أن خربوشة على علاقة مع والده، و لهذا سمتها خربوشة في العيطة ب ( الخَلاطة آش كيسواو .. يسواو الريح اللي قالوا كلام العار).
و في العيطة كلام يظهر أن خربوشة تبرِّئُ نفسها، و تدفع عنها هذه الشبهة (ما قال ليا ما قلت ليه ... ما أنا ربي نعفو عليه).
إنها تصرح بأنه لم يدر بينها و بين عيسى بن عمر أي كلام أو حديث، وتقر بأن ميول القايد غير سوية، إذ كيف سولت له نفسه أن يطلب المتعة من شابة يعلم علاقتها بولده.
كل هذه المعاني لم نلمسها في الغناء، حتى ضاعت علينا تفاصيل الحكاية، و رغم هذا شاهدنا اللجنة المحترمة مبتهجة و في غاية السرور حتى أنها لم تقل ولو ملاحظة بسيطة عن تحريف معنى العيطة بالكامل حينما قالت المتبارية في الغناء( سُوَّلْت عليك الغالية ما بايعة ما شاريا)، بينما الأصل في الكلام هو أن خربوشة أرادت أن تطمئن قلب حبيبها و هي تبلغه سلامها (مَسَّات عليك الغالية [أي أن حبيبتك العزيزة على قلبك تُقْرِئُكَ السلام] .. ما بايعة ما شاريا [لم تبع حبها لك و لم تشتري مقابله حب أبيك] .. هذا عاري مرسول ليك .. مسَّاتْ عليك و قالت ليك .. صَبَّرْ عَقلك دابا نجيك)[ أي توصيه بالصبر و تعده باللقاء و الوصال].
إنها تعده بوصال غير منقطع ( سيدي صباحك .. سيدي مساك و عادا لهوى عادا)، ستجود على حبيبها بلذة الوصال في كل صباح و مساء، و كلما قضى منها وَطَرَه سيعيد الوصال مرة تلو المرة (عادا لهوى عادا) [معنى عادا هنا هو إعادة].
إن خربوشة ترغب في حبيبها سيدي أحمد و غاية ما تطمح إليه من خلال هذه العلاقة هو الإحساس بالمتعة، تقول كلمات عيطة العمالة (ما جيت إلا نزهى معاك)".