فن وإعلام

الحسيمة تتألق في اليوم الثالث من مهرجان بويا النسائي للموسيقى

كفى بريس

في أجواء احتفالية ممزوجة بالفن والإبداع، تواصلت فعاليات مهرجان بويا النسائي للموسيقى في دورته العاشرة بمدينة الحسيمة، الذي انطلقت فعالياته من 25 إلى28 دجنبر 2024.

وقد شهد اليوم الثالث من هذا العرس الفني، الجمعة 27 دجنبر، سلسلة من الأنشطة الثقافية والموسيقية التي مزجت بين عبق الأدب ورونق الموسيقى، لترسم ملامح حدث استثنائي يُجمِّل صورة المرأة المغربية المبدعة في مجالات شتى.

توقيع "أمل حياة " و"نساء على أشكالها تقع"  للكاتبة سعاد حمو عمر

 احتضنت دار الثقافة الأمير مولاي الحسن بمدينة الحسيمة حدثًا أدبيًّا راقيًا تمثل في توقيع روايتي الكاتبةالمتألقة سعاد حمو عمر؛ ويتعلق الأمر بكلٍّ من" أمل حياة"  و" نساء على أشكالها تقع".  وقد شكَّل هذا اللقاء فرصة حقيقية لمد الجسور بين عالم الأدب والموسيقى، إذ اندمجت كلمات الكاتبة في أجواء المهرجان، مانحةً الفعالية رُوحًا ثقافية فريدة.

حضور نوعي لشخصيات بارزة

اتَّسم هذا الحدث الثقافي بحضور لافت لشخصيات تنتمي إلى مجالات الفن والأدب والعمل الجمعوي، فضلاً عن فعاليات مدنية تشتهر بدعمها للحركة الثقافية على المستويين المحلي والوطني. وقد شرف الحفل كذلك مسؤولون محليون وإقليميون، إلى جانب نخبة من المثقفين والمبدعين. كما حظيت الأمسية باهتمام خاص من طرف جمعيات نسائية وممثلي وسائل الإعلام، إضافة إلى جمهور شبابي متعطش للأدب الراقي، ممَّا يعكس المكانة المتميزة التي باتت تحتلها الحسيمة كمركز للإشعاع الثقافي.

العمق الإنساني في الروايتين

  1. أمل حياة

 في روايتها تغوص سعاد حمو عمر في أعماق النفس البشرية، متتبِّعةً مسارات الأمل كركيزة أساسية للمضي قدمًا في أحلك الظروف. تحمل الرواية في ثناياها نفسًا فلسفيًّا وواقعيًّا، يعالج قضايا اجتماعية معقدة، ويبرز أهمية التشبث بالتفاؤل والقدرة على تجاوز المعوِّقات.

2. نساء على أشكالها تقع

  مجموعة قصصية تغوص في تعددية التجارب النسائية، وتتلمس مواطن القوة والضعف في شخصيات نسائية متباينة. بأسلوب رصين وعميق، ترسم الكاتبة لوحات تحتفي بالمرأة الحلم والمرأة الواقع، وتُثير أسئلة جوهرية حول المكانة والدور الذي تضطلع به المرأة في بناء المجتمع.

أصداء إيجابية ومستقبل واعد

حظي حفل التوقيع بإشادة واسعة من الحضور، الذين عبروا عن إعجابهم بالعمق الإنساني الذي يميز أعمال الكاتبة، وبالطرح الجريء للقضايا المجتمعية. وقد اتسم النقاش حول الروايتين بالحيوية، مبرزًا دور الأدب في فتح حوار حقيقي حول قضايا تشغل الرأي العام. ويؤكد هذا النجاح المكانة البارزة لسعاد حمو عمر في المشهد الأدبي المغربي، كما يرسخ احتفاء مهرجان بويا بالإبداع النسائي في شتى تجلياته.

مشاركة الفنانة شيماء بوطاهري في السهرة الفنية لمهرجان بويا النسائي

 اعتلت الفنانة الشابة شيماء بوطاهري خشبة دار الثقافة الأمير مولاي الحسن، في إطار السهرة الفنية المنظمة خلال اليوم الثالث من مهرجان بويا النسائي. وقد استطاعت هذه الموهبة الصاعدة أن تزرع الحماسة في نفوس الحاضرين بفضل أدائها المتميز وحضورها الفني الذي يخطف الأنظار.

رحلة فنية حافلة

انطلقت مسيرة شيماء بوطاهري بأدوار في أعمال تلفزيونية أمازيغية، قبل أن تتوج بإبداعات لافتة في أعمال سينمائية ودرامية، جعلتها تتربع على مكانة مرموقة في قلوب متابعيها. وأمام جمهور الحسيمة، قدمت شيماء لوحة أدائية مزجت بين الغناء والمسرح، عكست قدرتها على التحرك بأريحية بين مختلف ضروب الفن.

إشادة جماهيرية ونخبويّة

استقطبت هذه السهرة عددًا كبيرًا من المثقفين والمسؤولين والفنانين الذين حضروا لدعم المواهب النسائية الصاعدة. وقد تفاعل الجمهور بحرارة مع أداء شيماء، ما يُبرهن على نجاح المهرجان في استقطاب طاقات جديدة في المشهد الفني المغربي. ولم تكتف الأمسية بالعروض الموسيقية فحسب، بل حملت أيضًا رسائل مهمة حول دعم وتثمين الإبداع النسائي.

مشاركة فرقة " إيخوس ديل ريف" في مهرجان بويا النسائي: تلاقح فني يحفظ التراث ويُجدِّده  

ضمن برمجة اليوم الثالث من مهرجان بويا النسائي، أضاءت  الفرقة منصَّة دار الثقافة الأمير مولاي الحسن بأجواء موسيقية تمزج ببراعة بين أصالة التراث الأمازيغي الريفي واللمسات المعاصرة. وتُعد هذه الفرقة من أبرز المجموعات التي توفق بين الحفاظ على الهوية الأمازيغية وتطويعها لمتطلبات الذوق الموسيقي العالمي الحديث.

أداء يلامس الوجدان

وقد تفاعل جمهور الحسيمة مع أداء الفرقة بحماسة كبيرة، حيث حملت أغانيها رسائل عميقة تُحيي تراث الأجداد وتنقل نبض الذاكرة الجمعية للمنطقة. كما وجدت الأغاني أصداءها في قلوب الشباب الذين شاركوا في التفاعل مع هذه الموسيقى الخلابة، متلمسين فيها جذورهم الثقافية وانتماءهم الأمازيغي.

رسالة المهرجان في تعزيز التنوع

تؤكد مشاركة فرقة  "إيخوس ديل ريف" على الدور الحيوي الذي يضطلع به مهرجان بويا النسائي في تسليط الضوء على تنوع المشهد الفني المغربي، وإنعاش التراث الموسيقي وتشجيع مواهب نسائية ورجالية تدافع عن الثقافة المحلية بقالب عصري. وقد أشاد النقاد والجمهور على حد سواء بالأداء المتميز للفرقة، معتبرين إياها نواة من نوى حفظ الذاكرة الفنية للريف وتأصيلها.

مشاركة الفنانة مروة لوندا وفرقتها في مهرجان بويا النسائي "صوت ريفي يصدح بمعاصرة مُثيرة للإعجاب"

استقبل المهرجان أيضًا الفنانة المتألقة مروة لوندا التي قدَّمت، رفقة فرقتها، عرضًا موسيقيًا صاخبًا بالأحاسيس. تُعد مروة لوندا من الأصوات الصاعدة في المشهد الموسيقي الأمازيغي، وتمتاز بأسلوبها الفريد الذي يشكل قنطرة بين التراث الريفي والأنماط العصرية.

أداء يجمع بين الرقي والابتكار

على منصة دار الثقافة الأمير مولاي الحسن، عزفت مروة لوندا وفرقتها مقطوعات نابعة من وجدان المنطقة، تتخللها لمسات حداثية تضفي على الأغاني طابعًا شبابيًّا يعانق الأجيال كافة. وأبرز ما ميَّز هذا العرض الموسيقي هو تفاعل الجمهور مع الأغاني التي تحمل في طياتها روائح التراث الريفي، ممزوجة بآلات وألحان تجديدية.

دعم رسمي ونخبوي للإبداع النسائي

لم يقتصر الحضور على الجماهير الشغوفة بالموسيقى الأمازيغية فحسب، بل عرف الحفل حضور مسؤولين ومثقفين ونشطاء جمعويين أثنوا على أداء مروة لوندا، وعبَّروا عن اعتزازهم بقدرة المرأة الريفية على المساهمة في إغناء المشهد الفني المغربي. في تعبير جمالي يحافظ على الروح التراثية ويتيح للفن الانفتاح على آفاق جديدة.

 مهرجان بويا منصَّة متجددة للإشعاع النسائي

بهذه العروض المتنوعة والتظاهرات الثقافية المتميزة، يواصل مهرجان بويا النسائي للموسيقى ترسيخ مكانته كمنصة مبدعة تعكس غنى الهوية المغربية وتعدديتها. من توقيع الروايتين الملهمتين لسعاد حمو عمر، مرورًا بأداء شيماء بوطاهري الاستعراضي، ووصولاً إلى الأجواء الموسيقية الراقية التي سطعتها فرقة "إيخوس ديل ريف" والفنانة الصاعدة مروة لوندا، تتأكد رسالة المهرجان في دعم الإبداع النسائي وتعزيز التراث المحلي بصيغة حضارية عصرية.

إن ما يميز هذه الدورة العاشرة هو حرص القائمين عليها على استجلاء روح التنوع في أبهى تجلياتها. وبذلك، يبرهن مهرجان بويا مرة أخرى على قدرته على جمع مختلف التعبيرات الفنية تحت سقف واحد، حيث تتداخل النغمات الموسيقية والأصوات الأدبية في لوحة تعكس وجه المغرب المشرق، المغرب الذي يحتفي بإبداع نسائه ورجاله على حد سواء، ويسعى لبناء مستقبل ثقافي يستمد جذوره من الماضي دون أن ينغلق عليه.