هل هي صدفة أم أن الأمر يتعلق بحدث ساقته موجة عابرة للقارات من بلد لا نعرفه خارج الوطن ؟ سمعت صديقا لي يقول في نقاش عابر أن حدثا مشابها له وقع في تركيا .وإن صح هذا المعطى فهو دليل ينضاف لما سبق وتكلمنا عنه، ليؤكد أننا لا نتحكم في سلوكات ناشئتنا مادامت تتلقى كثيرا من الأمور كتعابير وسلوكات وتصرفات عبر جهاز الهاتف، أكثر مما يقدم لها داخل الأسرة والمدرسة وغيرها من المؤسسات الأخرى، التي يبدو أنها استسلمت بشكل طوعي لقوتها وسرعة انتشارها ومن خلال كذلك ثلاث مواصفات رئيسية لم تستطع مؤسساتنا الانتصار عليها. أولا ،مضمون مركز مفكر فيه. ثانيا، زمن قياسي سريع محكم منسجم مع المضمون. ثالثا، حامل المضمون له سرعة وقوة الانتشار .
دعونا نعترف أننا لم نعد قادرين على محاصرة هذه المحتويات بعدما تعدد المتدخلون وأصبح الابحار في عالمها لايحتاج سوى لجهاز الهاتف وربطه بشبكة الانترنيت بدون حماية ولا أوراق اعتماد ولا هم يحزنون. لقد أصبحنا عرضة بالضرورة لمتدخلين آخرين يهندسون تربية أجيالنا دون مراعاة لتقاليدنا ولا لأعرافنا . بل يتفوقون علينا بما لديهم من امكانات تفوق وتتجاوز عجزنا وتواضعنا فيها . صرنا كما قال أحد الظرفاء نطلب فقط " التعادل " في معركة لا قبل لنا بها .
"ترند الشوكولاطة"، للغرابة انتشر في زمن تسيير وزير (الصمامة والفنيد) فاختلط علينا الأمر ولم نعد نستوعب سياق هذا الزواج الكاتوليكي الذي انتقل بالمنظومة التربوية من خلفية تربوية بمرجعية سياسية إلى مسار مقاولة تحكمه بحلاوة المنتج . ونحن نضع سؤال لحظة هذا القران العجيب والغريب كيف تستطيع المنظومة التربوية بكل اختلالاتها واخفاقاتها القضاء على مرارة الصعوبات والأعطاب المنهجية وتوالي الإصلاحات والمسؤولين دون استقرار ولا تقييم موضوعي بحلاوة عابرة لمقاول جيء به معصوب العينين كرهينة مختطف، يبدو من خطواته الأولى أنه خرج من الوزارة مايل فالمتتبع يسجل أن قراراته الأولى تشير إلى غياب رؤية واضحة وانعدام وجود استراتيجية معلومة المؤشرات. وهناك من اعتبروا تعيينه مفاجأة من العيار الثقيل نتيجة للتعديل الحكومي يوم 23اكتوبر 2024 ليبقى الوضع يكسوه الغموض والتلبس إلى حين .
اللحظة الراهنة تفرض علينا جميعا تعبئة مواطنة. فنحن في أمس الحاجة إلى ترند تربوي يدعو لاحترام فضاءات مؤسساتنا التربوية من الداخل كما هو الخارج والمحيط . وأن نقود حملة تعبئة الموارد البشرية لترسيخ السلوك المدني واحترام الاختلاف و تقدير الآخر في جو يطبعه التسامح والهم المشترك للنهوض بالمدرسة حتى تقوم بأدوارها كاملة مع الاحترام للأساتذة والتعاون من أجل نجاح المنظومة مؤسساتيا، وخلق جو تنافسي يعيد للمؤسسة اشعاعها التربوي والرياضي والفني والجمالي .
للاسف كثير من الإشارات يقدمها التلاميذ في تعبيرات عفوية جميلة لايلتقطها المسؤولون من اجل استثمارها وترصيدها لضمان ديمومتها وتثمينها.
ما أحوجنا إلى ترند غير عابر ، ولا لحظي، وألا يكون ردة فعل تطفو على السطح ساعة لكنها تخبو وتختفي كأشعة الشمس وراء غيوم داكنة تحجب نورها على الجميع ..!