هل الرأي الشرعي الذي قدمه المجلس العلمي الأعلى مخالف للشرع الاسلامي بخصوص إيقاف بيت الزوجية من التركة، والنفقة، و شهود الزواج بالخارج ….؟ يستحيل ذلك. علماء المجلس قدموا اجتهادا، ورفضوا مسائل أخرى بناء على اجتهادهم.
المعارضون لتوجهات التعديلات، لا يقدمون تحليلا فقهيا ل"مخالفة رأي المجلس الأعلى للشرع"، بل يدافعون على اجتهادهم وتأويلهم الخاص، على رؤيتهم الثقافية والاجتماعية.
نحن إزاء موقف ثقافي واجتماعي واقتصادي، وأمام اجتهادين، وهذا هو النقاش الذي يجب أن يكون. لو كان علماء المجلس الأعلى مستعدون ثقافياً واجتماعياً لتقبل فحص Adn، لاستخرجوا الرأي الشرعي ويستطيعون ذلك. من ناحية الاجتهاد، كانوا أمام خيارين، وكلاهما يمكن الاستدلال عليه شرعياً. لكن ،أظن، أن الجيل الحالي لعلماء المجلس الأعلى لم يكن مستعدا ثقافياً واجتماعياً لقبول الفحص الجيني رغم أنهم ذهبوا بعيدا بقبولهم إيقاف بيت الزوجية من التركة. هنا نجد أنفسنا أمام نوع من المحافظة لا غير.
حتى الدكتور أحمد الريسوني لم يطعن في شرعية التعديلات من الناحية الفقهية ، بل اعتبر أن هذا التوجه يضر أكثر بالرجال. وهو موقف محافظ اجتماعيا، لكنه محترم وموجود بالمجتمع.
لذلك، لا يمكن مقاربة التعديلات من الناحية الدينية، بل من الناحية الاجتماعيةوالاقتصادية. والسؤال هو: هل مغرب اليوم مستعد ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا بالسير نحو الأمام وتطبيق هذه التعديلات؟ هل في ظل ارتفاع مؤشرات الفقر والهشاشة الاقتصادية والارتفاع الكبير لنسبة البطالة وسط الفئات النشيطة والمؤهلة للزواج، سننجح في تطبيق التعديلات؟
تطوير بنود المدونة بدون التغلب على الهشاشة الاجتماعية والفقر والبطالة يمكن أن يخلق رد فعل ونتائج عكسية.
لذلك، فالنقاش يجب أن ينصب حول توفير الشروط الملائمة لإنجاح تقبل المواطن للتعديلات.
اغلب الأصوات الرافضة والغاضبة، هي تعبير عن خوف ثقافي واقتصادي أكثر منه ديني. في ظل الظروف الاجتماعية الراهنة، وتغول الفساد والريع واتساع خرائط الفقر والهشاشة، فمن الطبيعي أن يتم استقبال التعديلات على أنها عبء اقتصادي جديد.
إن مانشاهده من "دفوعات دينية" رافضة، فهو تعبير عن "معارك" للدفاع عن "المجالات الحيوية" لاغير. فلحد الآن، لم يتقدم أحد بمناقشة رأي المجلس العلمي الأعلى فقهيا وشرعيا.
لهذا، فالجدل والنقاش حول التعديلات لا يتعلق ب "الدفاع عن الدين"، ومن يزعم ذلك فهو يدعو إلى "دين جديد"، ومن يدعو إلى "دين جديد" فهو، في الحقيقة ، طالب سلطة. في تاريخ المغرب، وفي تاريخ العالم الاسلامي، كل دعوة دينية( تحت شعار الدفاع عن الدين) انتهت بالوصول إلى الحكم والسلطة.