تابعت رواية حزب العدالة والتنمية لما نعتوه بتضارب المصالح في صفقة محطة تحلية المياه بالدار البيضاء، والحقيقة أن البيجيدي حاول صنع قصة مشوقة بأزمنة متعددة وقرارات وقوانين مختلفة لاثبات "تضارب" المصالح، الذي غاب عن قاموس البيجيدي لعشر سنوات أيام كان أخنوش وزيرا في حكومة بنكيران والعثماني، حيث لم نسمع عن التضارب في المصالح يوم قرر بنكيران تحرير اسعار المحروقات واهداء المواطن لقانون السوق.
أنا مقتنع أن بنكيران لم يغادر بعد 2016 وهو يحاول اسقاط غريمه السياسي اخنوش بالضربة القاضية، بأي طريقة كانت لكن بنكيران الذي اختفى من معجمه السياسي تضارب المصالح لعشر سنوات تذكرها اليوم للخروج من العزلة والتيه بعدما فشل في ايجاد قضية قادرة على التعبئة السياسية والانتخابية، ولربما فهم البيجيدي أن ما يجري في سوريا قد يساعد الإخوان على العودة إلى زمن 2011 وينسى أن التاريخ لا يعيد نفسه وإذا أعاد نفسه سيكون ذلك بشكل تراجيدي.
المهم عندما سمعت السيناريو المحبوك الذي اخرجه بنكيران، شعرت بأننا نعيش في اللادولة واللاقانون واللا مؤسسات وأن أخنوش يمكن أن يمرر قانون اطار الاستثمار على المجلس الوزاري الذي يترأسه جلالة الملك بالطريقة التي تخدم تجارته دون حشمة ولا حيا ، وفهمت أيضا أن اخنوش يمكن أن يدفع البيجيدي إلى التصويت على قانون الاستثمار واخراجه بالاجماع من مجلسي البرلمان، وفهمت أيضا أن أخنوش اخر مشروع التحلية من 2016 كما كان مبرمجا أمام الملك إلى 2024 حتى يكون رئيس الحكومة، وفهمت أيضا أن اخنوش يمكن أن يجعل الدولة التي يفوق عمرها 12 قرن فرعا في مجموعة شركاته.
للأسف يستفيد بنكيران من صمت الحكومة ولو كان هناك شيء من الشجاعة لخرج الأمين العام للحكومة للرد عليه في قضية تاريخ نشر المراسيم وقانون الاستثمار، ولخرج فوزي لقجع للرد عليه في قضية تفصيل القانون المالي على مقاس تجارة اخنوش، ولخرج وزير الاستثمار لتنوير الرأي العام حول قانون الاستثمار الذي صوت عليه البيجيدي في 2022 ويشكك فيه اليوم ولخرج وزير التجهيز والماء لتقديم التوضيحات في الصفقة باعتباره صاحب الوصاية، لكن يبدو أن البعض يعمل بشعار لا تنازل الخنزير في الوحل فيستمتع هو وتتسخ انت، لكنه شعار غير واقعي لأنه قد يجعل الخنزير مستمتعا بدون منازلة.