في كل المعارك النضالية التي أجد نفسي مدعوا لها، لا أكتفي بتفحص شرعية موضوع المعركة...بل أطرح بالضرورة سؤالين :
من صاحب المبادرة ؟ و ما دلالة التوقيت ؟
لا أستطيع التغاضي عن ذلك...
صدقا، ليس في الأمر من جهتي أي تذاكي أو تعالم...و لا هو بأعراض بارنويا موسوسة..
لكن أنا متأكد - بالتجربة المتكررة و بدروس التاريخ - أن المعارك لا تتحدد فقط بشعاراتها، و في غير ما مرة كان الناس حطب معارك لا تعنيهم - هذا إن لم تكن ضد مصالحهم - فقط لأنهم لم يهتموا للمحرك المجيش في علاقة بالتوقيت ( مثالين فاقعين: حقوق الإنسان كما استعملتها الدول الغربية في صراعات مصالح استراتيجية ضد دول بعينها...و ما سمي بالربيع العربي)...
القاعدة الاحتراسية هذه ، أحاول أن التزم بها دوما...فما بالك إن تعلق الأمر بوسائط التواصل الاجتماعي، حيث الظلام الدامس و الذباب و الكتائب التي لا وجه لها...
لا زلت لحد الآن، مقتنع أن الساحة الحقيقية لاستواء فضاء عمومي حقيقي هي الفضاء الواقعي بفاعليه المكشوفي الوجوه، المعروفي الهوية، حيث يتوفر حد أدنى من المسؤولية
أما وسائط الاتصال الاجتماعية فاستعمالها الحميد في نظري يقتصر على التنوير بمعناه العام: توفير المعارف و المعلومات و المعطيات التي تسمح لكل فرد أن يكون قناعته..أما أن تتحول إلى محددة لأجندة الصراع السياسي و الاجتماعي و القيمي، فمجرد حطب بليل..و ذاك في أحسن الأحوال .
يفترض في وسائل التواصل الاجتماعي ان تلعب دورا في تعريف الناس بعدد من القضايا لم تكن وسائل الاعلام التقليدية تغطيها الا ما ندر. خاصة ان سرعة التواصل التي تميزها تجعل منها اداة فعالة في نقل المعلومة ونشرها على أوسع نطاق وفي اللحظة ذاتها.
وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب فعلا هذا الدور في البلدان المتقدمة، فإنها تقوم بالعكس، في الأغلب الأعم، في بلداننا المتخلفة. حيث اصبحت اداة للدجل والكذب الصراح والافتراءات على الأشخاص وعلى المؤسسات على حد سواء الى درجة تحولت معها الى أدوات للتضليل والتعمية باسم الإثارة هنا وتحقيق السبق الاعلامي الزائف هناك .
وللأسف الشديد فهناك من يعتبر نشر الاخبار الكاذبة تعبيرا عن الرأي، وهناك من يرى في الافتراء على المؤسسات والأشخاص مجرد اثارة ولفت للانتباه، وكأننا عدنا الى زمن قانون الغاب حيث يحق كل شيء لكل من استطاع اليه سبيلا خارج كل أخلاق وموضوعية واحترام للإنسان بما هو كذلك.