قضايا

"شحوم" الفساد في الاتّحاد

محمد بلعيش

إن فضيحة امتصاص 1.835.000 درهم من المال العام، ما هي إلّا الجزء الظّاهر من "شحوم" الفساد، الّتي باتت تجثم على حزب وطني بحجم الاتّحاد الاشتراكي. لهذا فالمطلوب من المناضلين اليوم، هو أن يدقّقوا جيّدا في تقرير المجلس الأعلى للحسابات. لأنّ جزء كبيرا من مرض الحزب، يكمن في تفاصيله الماليّة. 

حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فقد بلغت مساهمة الدّولة في ماليّة الاتّحاد 6.758.136,11 درهم. فيما ساهم الحزب ب 1.588.705،28 درهم فقط. وفي الوقت الّذي بلغت فيه موارد الحزب ما مجموعه 8.362.801,28 درهم، فإنّ النّفقات وصلت إلى 10.405.922,33 درهم. بمعنى أنّ (80,81%) من ميزانيّة الحزب هي مال عام. وبالتّالي من حقّ أيّ مواطن مغربي أن يعرف كيف صُرف؟ وفيما يصرف؟ ومن صرفه؟ لكنّ يبدو أنّنا دخلنا مرحلة من "الظّلاميّة الماليّة"، لم يعد فيها حتّى أعضاء المكتب الخمسيني يعرفون شيئا عن ماليّة الحزب. 

  ليس سرّا بأنّ تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ضرب في "صحّة" بعض النّفقات الّتي تقدّم بها الحزب. كما أنّه أشار إلى أنّ المؤتمنين على ماليّة الحزب، لم يستطيعوا دعم أجور وتعويضات المستخدمين المقدّرة ب 1.210.997,30 درهم. بالوثائق الضّروريّة كعقود العمل ومقرّرات منح التّعويضات، ونسخ بطائق التّعريف الوطنيّة إلخ. 

ولهذا أعتقد أنّه من حقّ المواطنين عموما، والاتّحاديّين على وجه الخصوص:

أن يعرفوا أين ذهبت 4.453.221,48 درهم الّتي وضعت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات تحت خانة "تكاليف التّسيير". ماذا سُيّر بها؟ من هم هؤلاء القوم الّذين استنزفوا (42,80%) من نفقات الحزب؟ ماهي مهامّهم داخل الحزب؟ ماهي مؤهلاتهم العلميّة؟ كيف تمّ اختيّارهم؟ ماذا قدّموا للحزب والوطن؟ هل هناك قسم للموارد البشريّة في الحزب يختار الأصلح؟ أم مازال منطق "الشّيخ والمريد" سائدا في حزب يُفترض أنّه تقدّمي؟

أن يعرفوا تفاصيل فواتير المؤتمر الأخير والّتي قدّرت ب 3.378.494,85 درهم أي (32,47%) من نفقات الحزب. كيف تمّ اختيّار الشّركة أو الشّركات الّتي نظّمت مؤتمر "العمّاريّات" الّتي حملت "دريس" ورهطه ليمثّلوا جميعا بالاتّحاد كلّ هذا التّمثيل؟ من هي الشّركة الّتي فازت بإنجاز التّصاميم وبأيّ تكلفة؟ ماهي الشّركة الّتي تكلّفت بالطّباعة؟ إلخ.

أن يعرفوا كيف فازت "ميلا عولاما" بصفقة تساوي (17,63%) من نفقات الحزب؟ ما هي المؤهلّات العلميّة لفريق "ميلا عولاما" حتّى "يُختار" لإنجاز كلّ هذه الدّراسات؟ ماهو مضمون تلك الدّراسات؟ لأنّ هناك عاقد عقّد الأمور بالأمس، وجعلنا نتساءل عن علاقة "اضطرابات الدّماغ" بالدّراسات الّتي قدّمت باسم الاتّحاد. وأعتقد بأنّ الاتّحاديّين والاتّحاديّات على استعداد "يديرو الطبگ" من أجل دراسة تعنى بأدمغة الزّعيم ورهطه ممّن يعيثون فسادا في المال العام.

أن يعرفوا ماهي الأصول الّتي تمّ اقتناءها باسم الحزب؟ هل قيمتها حقيقيّة أم منفوخة؟ من أشرف على هذه الصّفقات؟ ووفق أيّة استراتيجيّة؟ إلخ.

 الاتّحاديّون الّذين كان يضرب بهم المثل في التّسيير الاقتصادي، صاروا في زمن "دريس" فاشلين في تدبير ميزانيّة تساوي 8.362.801,28 درهم. والمغاربة الّذين كانوا في زمن مضى، يتحلّقون خلف الّشاشات، ويراقبون الأخ فتح اللّه ولعلو "يشرّح ويملّح" ميزانيّة الدّولة، صاروا مصدومين بعبث التّسيير للمال العام على مستوى الحزب. 

ختاما أتساءل إذا كان صندوق النّقد الدّولي، بإمكانه أن يرهن سيّاسات دول من خلال القروض، فإلى أيّ حدّ يمكن لحزب تساهم الدّولة في ماليّته ب (80,81%) أن يقوم بدوره في المعارضة من دون مركّب نقص كما كان يفعل في الماضي؟

تلك أرقام رسميّة من مؤسّسة دستوريّة، والأكيد أن المستقبل سيبوح بتفاصيل التّزكيّات والسّفريّات. وتلك حكاية أخرى.

بركان في: 19 أبريل 2024