مجتمع وحوداث

فضيحة صفقة أدوية بطنجة: شركة كي الملابس تتسلل إلى سوق الدواء

كفى بريس ( متابعة)

في واقعة صادمة تكشف خللاً عميقًا في منظومة تدبير الصفقات العمومية بالمجال الصحي، تم مؤخراً منح صفقة لاستيراد الأدوية لمستشفى طنجة الجهوي إلى شركة مختصة في "تصبين وكي الملابس"، ما أثار جدلاً واسعاً وأسئلة حارقة حول شفافية الصفقات وسلامة المرضى.

انتهاك صارخ للقانون

الصفقة، التي تتناقض بشكل مباشر مع القانون رقم 17.04 المتعلق بالأدوية والصيدلة، تمثل خرقًا واضحًا للمادة الخامسة من هذا القانون، والتي تشترط أن يكون تداول الأدوية محصورًا بالمؤسسات الصيدلانية الحاصلة على ترخيص قانوني. منح صفقة بهذا الحجم والموضوع الحساس لشركة غير مؤهلة يُعد تجاوزًا خطيرًا للضوابط القانونية التي تُعنى بضمان سلامة سلسلة التوريد الدوائي في المملكة.

 

اعتراف رسمي بالخلل

إدارة مستشفى طنجة الجهوي لم تنكر الواقعة، بل أقرت ضمنيًا بوجود ثغرة كبيرة، مشيرة إلى أنها لم تكن على دراية بالنشاط الحقيقي للشركة الفائزة بالصفقة. هذا التصريح يسلط الضوء على محدودية المنصة الوطنية للصفقات العمومية "مارشوبوي"، والتي لا تتيح التحقق المسبق من طبيعة الأنشطة الفعلية للمتعهدين، ما يفتح الباب أمام تسلل كيانات غير مؤهلة إلى صفقات ذات طابع استراتيجي.

 

تهديد مباشر للصحة العامة

الواقعة لا تتعلق فقط بخرق إداري أو قانوني، بل تحمل في طياتها تهديداً مباشراً للصحة العامة. توريد الأدوية عبر شركة غير مختصة يعني وجود خطر حقيقي على مستوى جودة وسلامة الأدوية، خصوصًا تلك التي تستوجب احترام سلسلة تبريد صارمة أو مراقبة صيدلانية دقيقة. كما يرتفع احتمال تسرب أدوية مغشوشة أو منتهية الصلاحية إلى داخل المنشآت الصحية العمومية.

 

تحركات نقابية ومطالب إصلاح

النقابات المهنية لم تلتزم الصمت، بل سارعت إلى المطالبة بإصلاح جذري للمنظومة، وعلى رأسه تعديل المنصة الإلكترونية للصفقات، مع ربطها بالسجل الوطني للأنشطة التجارية والصيدلانية. كما دعت إلى إلزامية التحقق المسبق من تراخيص الشركات قبل منحها صفقات حساسة كالأدوية، وتفعيل آلية الرقابة المشتركة بين وزارتي الصحة والمالية.

 

إشكال مؤسساتي عميق

الواقعة تعكس أيضاً ضعف التنسيق بين المديريات المركزية، خصوصًا بين "المديرية العامة للمستشفيات" و"المكتب الوطني للصفقات". ويرى مهنيون في القطاع أن تجاوز مثل هذه الإشكاليات يتطلب تطوير بنية رقمية تربط تلقائيًا بين منصة الصفقات وقاعدة بيانات الصيدليات والشركات الطبية المرخصة.

 

تداعيات مستقبلية مقلقة

الخشية الكبرى اليوم، حسب عدد من الفاعلين، هي أن تُشكل هذه الواقعة سابقة قد تُستغل مستقبلاً من طرف شركات غير مؤهلة لولوج سوق الأدوية، ما قد يؤدي إلى كارثة صحية، خاصة مع الأدوية الحساسة كالعلاجات البيولوجية أو أدوية الإنعاش والتخدير.