مجتمع وحوداث

سنة أمازيغية سعيدة لكم وبكم جميعا..

عادل الزبيري

في يوم عائلي، قررت أسرتي الصغيرة أن تجرني إلى نزهة رباطية جماعية، في الأيام الأولى من العام الجديد 2024.

فصل الشتاء بارد ليلا وصباحا باكرا، وساخن نهارا،  سمات مناخ قاري يضرب العاصمة المغربية الرباط، التي هجرها المطر، بينما كان فصل الشتاء مطيرا قبل سنوات قليلة، فيما شتاءات السنوات القليلة الماضية، تغير فيها كل شيء للأسف الشديد؛ هذه تمظرات التغيرات المناخية.

هنا في الرباط، قررت إراديا أن أمسك بقرون هذا الحيوان الأسطوري، الذي ارتبط بأعياد الميلاد المجيدة، عند أتباع الديانة المسيحية، قبل أن تصبح احتفالات الميلاد ورأس العام الجديد، وفق التقويم الغربي، مناسبة عالمية للفرح الجماعي، وانتشار الزينات في كل مكان، لأن شركات التسوق تولت المهمة بنجاح.

يستعد المغرب للاحتفال برأس السنة الأمازيغية، في ثاني رأس للعام، وفق ثاني تقويم رسمي في المغرب، وسط آمال كبيرة باستمرار ورش ترسيم الأمازيغية في التعلم وفي الحياة العامة المغربية، في نتاج لثمار سنوات طويلة من الترافع للمناصفة اللغوية المغربية، بين العربية وبين الأمازيغية، وهو ما أمسى ممكنا عمليا، بعد دستور العام 2011.

انتهت سنة كاملة 2024، بكل تفاصيلها، بفشلها وبنجاحها، وجاري الاستعداد للتكيف الإنساني والاجتماعي والمهني مع سنة جديدة، ترقيمها 2025، مع التطلع للدخول في تحديات كبيرة جدا، للتصدي لليأس الذي يصدره قريبون أو بعيدون، وللمساهمة في زراعة أحلام جديدة مع قليلين أو كثيرين، لأن الحياة تستحق أن تعاش على أمل المواصلة في الأماني.

انتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وسط استمرار سنوات جفاف، في عقد قاسي مناخيا على المغرب، وأيضا عقد اضطرني للدخول في تغييرات مهنية ما تصورت يوما أنها تأتي يوما، فمنذ أزمة جائحة فيروس كورونا، لم تعد الصحافة بخير، هنالك انقلاب كبير، انهيار وإعادة بناء، وتسارع لمعرفة للخبر الصحيح وسط تسونامي الأخبار الكاذبة، وتزايد أعداد الكذابين الذين يطلون كل يوم، تحت اسم المؤثرين وصناع المحتوى.

في جعبتي للعام 2025، جرعات أخرى من المقاومات في الحياة، وإصرار على الاستمرار على درب الاستقرار، لا يهم عدد الذين غادروا أجندتي في العام 2024، لأنهم اختاروا جميعا إراديا أنني لم أعد صالحا لهم، ومرحبا بكل الذين يرونني جديرا إنسانيا ومهنيا  بصداقتهم أو بزمالتهم، ومرحبا أيضا بأي علاقة إنسانية قائمة على الاحترام وعلى العطاء المتبادل.

حافظ المغرب في العام الماضي 2024، على مشهد عام فيه مد وجزر، فيه صعود ونزول، في ملفات اجتماعية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية؛ لأن المملكة المغربية تمضي قدما للعودة إلى مكانها الطبيعي تاريخيا، فالمغرب في قرائتي الاستراتيجية، لا يتقدم، ولكن تعود هذه المملكة الشريفة إلى صدارة العالم، بكل هدوء، فلا يمكن لكل هذه الدول الكبرى عالميا، التي تتوالى في مسلسل وضع ثقتها الكاملة في الرباط، أن تكون على خطأ.

يبقى الحدث البارز في الشهر الأخير من العام 2024، التغيير في نظام الحكم في سوريا، وأخيرا هرب بشار الأسد، وانهارت دولة الرعب في دمشق لآل الأسد، وآن لأحلام السوريين أن تصبح خضراء اللون، بعيدا عن حمرة جحيم أسسها حافظ الأب وواصله بشار الإبن، جاء وقت إغلاق معتقلات الوحشية، وأبرزها صيدنايا.

من المرتقب أن يتابع المغرب في العام 2025، طريق تأهيل البنيات التحتية من أجل احتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم، وسط تطلع من المغاربة من أجل أن يكون اللقب مغربيا، ولكن أحلام المغاربة أيضا بتقديم نسخة تنظيمية غير مسبوقة، بينما تستمر أشغال تأهيل ملاعب طنجة وأكادير ومراكش والدار البيضاء وفاس، فيما ملعب العاصمة المغربية الرباط، فيشهد إعادة ولادة، بعد أن جرى هدم كامل للملعب القديم.

يحلم المغاربة في العام 2025، أن تتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بالكامل، لأن الرأي العام المغربي يتابع بأسى المشاهد المرعبة لما يقوم به جيش إسرائيل ضد المدنيين في ما تبقى من خراب قطاع غزة.

في عام 2025، أحلم أن أبقى أنا كما أنا دائما، أحترم نفسي، وقادر على الاستمرار في طريق التعلم والاشتغال الصحافي المهني الميداني، بنفس الإقبال والشغف، مع مواصلة أسفار ميدانية إلى المغرب العميق والبعيد لرواية قصص مغربية جديدة، عن المغرب، لكل العالم.

في النهاية، لا يوجد في قلبي حقد أو حسد أو غيظ، ولكنني أيضا لست غبيا ولا قاصرا، فلا يمكن لكل من يعتقد أنه ذكي جدا، أن يتسبب في أذيتي مرارا وتكرارا، لأن معي ربي يحميني، فشكرا جزيلا لكل المسيئين، ومرحبا بكل المحبين.