مجتمع وحوداث

رأي بخصوص الحديث عن عيد الأضحى...!

رشيد لبكر ( أستاذ جامعي)

أعتقد أن النقاش الذي فتحته الحكومة مؤخرا بشأن عيد الاضحى القادم صحي ومهم، لأن اختيار  الحديث عن هذا الموضوع في وقت مبكر، يخدم في العمق مصالح الكسابة والفلاحين، ولاسيما الصغار منهم، على اعتبار أن الغالبية منهم يختارون هذا التوقيت بالضبط من السنة ( رجب او شعبان ) للبدء في عملية التسمين استعدادا لعيد الاضحى، وبالتالي إذا تقرر، منذ الآن،  الإعلان عن الاحتفال بذبح الأضحية من عدمه، فلن يتحمل هؤلاء المربين كبير الضرر في حالة لو تقرر إلغاؤه خلال هذه السنة، بخلاف لو أعلن عن ذلك في وقت متأخر جدا، ساعتها سيكون العلف قد استنزف مدخرات هذه الشريحة، ويصبح من العبث الاعلان عن إلغاء العيد، لما في ذلك من احتمالية ضرب للاقتصاد الفلاحي و الإجهاز  على النفس الأخير الذي مازال يحرك الإنسان القروي في ظل وضعية متعددة الأزمات...وعليه، فمن المفروض على الحكومة، باعتبارها الجهة التي تتمركز عندها المعلومات، ان تكون رؤيتها واضحة وتوقعاتها جاهزة منذ اللحظة، بخصوص احتمالية الاحتفاء بهذا النسك الديني المقدس أو تأجيله إلى غاية ان تتحسن الاوضاع ويجود علينا رب السماء بغيثه ويمن علينا بماءه، وبظني إن الإعلان عن هذا القرار حاليا له أهمية خاصة من عدة وجوه، اسوقها كالتالي:

- وضوح الرؤية لدى الفلاح وبالتالي حفظ قدرته المالية، حتى لا تفاجؤه قرارات آخر لحظة بما لم يتوقعه، فتحدث الطامة.


- إمكانية انخفاض أثمان الأعلاف، الشيء الذي سيكون له أثر إيجابي على وضعية مربي الماشية المحترفين، أي  الدائمين، لأن استهلاك مزيد من العلف من طرف المربين الموسمين، يؤدي في الغالب الى التهاب اسعار العلف .


- الإفصاح عن الموقف النهائي من العيد في هذه الفترة، يؤدي أيضا إلى تحرير القطيع الذي كان مهيئا للعيد و دفعه الى الأسواق، وهذا من شانه المساهمة في تخفيض اسعار اللحوم الحمراء ولا سيما لحوم الغنم التي وصلت الى مستويات غير مسبوقة.


- في حالة ما إذا تسبب  الاعلان عن قرار الإلغاء الآن في إحداث ضرر على الكسابة ، قد تلجأ الحكومة الى اعتماد ميزانية خاصة لدعم المتضررين، ولكن هذا التعويض،  سيكون في جميع الحالات  أقل كلفة من الخسارة التي ستلم بالمجتمع فيما لو اخرت الحكومة الاعلان عن رؤيتها الى الفترة  السابقة عن العيد باسبوع او اسبوعين.


- من ناحية اخرى، لا يخفى الأثر الإيجابي الذي سيحدثه لإعلان المبكر عن قرار الاحتفال من عدمه على عموم المواطنين، إذ العيد عامة يتطلب استعدادات وميزانيات وادخار واشياء أخرى ليس من السهل تدبيرها  في آخر لحظة، لا سيما إذا كانت الظروف صعبة،  وديننا في آخر المطاف، دين يسر ورفع لحرج وليس العكس، تكفي الإشارة إلى أن اركان الاسلام  مبنية بخمستها على اليسر،  وعلى شرط الاستطاعة..وليس من المعقول بداهة،  قبول هذا الشرط في الفرائض ونفيه عمن سواها.