سياسة واقتصاد

أكتوبر شهر الهذيان الجزائري.. استئجار مبعوث أممي ومحكمة أوروبية

بوشعيب حمراوي (كاتب)

نحن نعلم، وكل أنظمة العالم تعلم أنه لا بديل عن مقترح الحكم الذاتي للتخلص من فيروس «البوليساريو». وتنقية تلك المناطق التي باتت بؤرا للعصابات والإرهابيين. كما أن الدول التي تعبر عن رفضها للمقترح المغربي. هي إما هيئات ومنظمات وشخصيات مأجورة. أو دول تحكمها أنظمة، إما معادية للمغرب أو رافضة لمخططاته التنموية وانفتاحه المتعدد إفريقيا وأوروبيا وأمريكيا.. أو مدمنة على امتصاص النفط والغاز الذي تجود به الجزائر. دول مهمتها عرقلة مسار التسوية الشرعية، و «وضع العصا وسط العجلة». وانتظار التعليمات عن بعد من أولياء نعمها. 

قبل أسبوعين صدر حكم استئنافي نهائي من محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، يقضي بإبطال اتفاقيتي التجارة المبرمة بين الاتحاد الأوربي والمملكة المغربية، الخاص بالمنتجات السمكية والفلاحية. والذي سيبقى حبرا على ورق، باعتبار أنه حكم لا يعني المغرب في شيء. وأن دول الاتحاد الأوربي رفضت الحكم. وأكدت في تصريحات رسمية لمسؤوليها بأنها ماضية في تفعيل الاتفاقيتين، ومستعدة للمزيد من العلاقات التجارية والاقتصادية مع المغرب. وطبعا وراء هذا الحكم أموال الغاز والنفط الجزائري. 

وقبل أيام كشف المبعوث الخاص للأمم المتحدة، "ستيفان دي ميستورا" في اجتماع مغلق لمجلس الأمن عن خبثه ونواياه المسخرة والتي فطن لها المغرب منذ تعيينه. كان لابد له أن يفرغ ما تبقى له من رصاص مطاطي. قبل أن يترك مهمته التي فشل في إنجازها، كما فشل في نفس المهمات السابقة بعدة بؤر توتر بالعالم (العراق، أفغانستان، جنوب لبنان، ورواندا والصومال..). آخرها سوريا حيث فشل في مساعيه وأعلن عن استقالته مبكرا قبل نهاية سنة 2018.

فكرة أو مقترح تقسيم الصحراء المغربية بين دولة ذات سيادة وكيان همي من صنع الجزائر. كانت آخر ما تفوه به هذا الكائن الأممي. مقترح يسير عكس توجهات مجلس الأمن، والرأي العام الدولي. ويؤكد أنه ليس مبعوثا أمميا، بل ببغاء ردد ما تم إملاؤه عليه ممن سخروه واستأجروه. 

ونسي أن مهمته الأساسية، كانت محددة في تفعيل وتنشيط الموائد المستديرة الرباعية (المغرب، الجزائر، موريتانيا، كيان الوهم) الخاصة بملف الصحراء المغربية. وإرغام نظام الجزائر على العودة لها، عوض الادعاء داخل رفوف هيئة الأمم المتحدة بأنه ليس طرفا، وشن الحروب تلو الحروب على المملكة في السر والعلن. 

كان لابد لهذا المبعوث من المجهول أن يبادر إلى دس الدسائس ونسج مخططات الوهم، دون حتى التفكير في أنها تعارض مهمته، وحدود عمله وتدخلاته.

كان لابد لهذا الإيطالي الذي ترك السواد بسوريا، واستقال قبل انتهاء عهدته. أن ينفث ما تبقى له من أدخنة الكراهية والحقد المبطن للمملكة المغربية، والذي يتلقى مقابله أموال الغاز والنفط الجزائري. 

الكل يتذكر أن المغرب رفض تعيين هذا الإيطالي (الذي كانت أكبر مهمة له في بلاده (إيطاليا) هي نائبا لوزير الخارجية سنة 2013).مبعوثا أمميا شهر أكتوبر من سنة 2021، بعد اقتراحه من بين 13 مرشحا لنفس المهمة. وكيف أن المغرب قبل به على مضض بتدخل من الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعطت للمغرب ضمانات بمراقبته وفرض حياده. والكل يتذكر ما قام به هذا الرجل شهر فبراير 2024، من تحد صارخ للمملكة المغربية، وتواطؤ فاضح مع خصوم الوطن. حين قام بزيارة غريبة وعجيبة لدولة جنوب إفريقيا. البلد الذي لا علاقة له بملف الصحراء المغربية. البلد الذي يتبنى أطروحة الانفصال الجزائرية، ويعترف منذ 2005 بجمهورية الوهم (البوليساريو)، ويدعمها ماليا وعسكريا. كيف لمبعوث أممي أن يطرح مقترحا من خياله، علما أنه سبق أن تلقى الرد الرافض الصارم والجازم على نفس المقترح، كما تلقى ذلك من سبقوه في المهمة؟

إنها السيادة يا مبعوث الجزائر، ولا يمكن أن تخضع لأي نقاش أو مساومة أو مفاوضة، لأن تقاسم السيادة يعني فقدان السيادة، عليك أن تدرك بأن مقترح (الحكم الذاتي) الذي التفت حوله أزيد من 100 دولة. ضمنها عضوان دائمان في مجلس الأمن (فرنسا والولايات المتحدة)، و19 دولة من الاتحاد الأوربي. و30 دولة أحدثت قنصليات لها بمدينتي الداخلة والعيون، هذا المقترح قبله المغاربة على مضض من أجل إنهاء الأزمة المفتعلة، لأن المغاربة يدركون أن النظام العالمي لا يخضع لمنطق الصحيح والخطأ، ولا يؤمن دائما بالحقائق والثوابت. بقدر ما يسعى ويجاري الأوضاع السياسية التي تتحكم فيها المصالح والإكراهات والضغوطات الاقتصادية والولاءات. المغاربة يدركون ألا دولة في العالم تقبل بأن يهنأ المغرب بصحرائه. كما يدركون أنه لا دولة في العالم ترغب في إحداث دويلة جديدة. ويدركون أكثر أن هناك عدة أنظمة عالمية تقتات من هذا الصراع الوهمي، وتستغله من أجل الابتزاز والتضييق على المغرب. كما تستفيد منه من أجل إنعاش شركاتها المنتجة للأسلحة. 

ما يجب أن ندركه نحن المغاربة ونعد العدة له. هو الاستنفار الذي يعرفه النظام الجزائري المريض كل شهر أكتوبر. 

شهر أكتوبر الذي يذكر السعيد الشنقريحة (الرئيس الحقيقي للجزائري)، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالمذبحة الفرنسية للجزائريين (17 أكتوبر 1961) . وجماجم المقاومين المتواجدة بمعارض فرنسا، وتذكره بيوم اختطاف الطائرة المغربية التي كانت تقل زعماء المقاومة الجزائرية الخمسة، من طرف المخابرات الفرنسية. ويتعلق الأمر ب(أحمد بن بلة الذي سيصبح أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال، حسين آيت أحمد، محمد بوضياف الذي حكموا عليه بالإعدام لرفضه مخططات ضرب المغرب، وأفرجوا عنه ليستقر في المغرب لعشرات السنين. ويترك السياسة ويفتح محلا لبيع الآجور بالقنيطرة. قبل أن يستدرجوه لمنصب الرئاسة وينفذوا فيه حكم الإعدام جهارا، ومحمد خيضر ومصطفى الأشرف). كانوا مقيمين بشمال المغرب، وفي طريقهم إلى مطار تونس من أجل المشاركة في اجتماع تنسيقي ثلاثي يجمع قادة المغرب، الجزائر وتونس من أجل توحيد المقاومة ضد فرنسا.

أكتوبر يذكره بحرب الرمال (أكتوبر 1963) التي اندلعت بين المغرب والجزائر، بسبب إصرار النظام الجزائري على الاستمرار في ضم منطقة الصحراء الشرقية المحتلة (تندوف وبشار أراضي صحراوية أخرى مغربية) المقتطعة من التراب المغربي في عهد الحماية.حيث هزمت القوات المسلحة الملكية الجيش الجزائري. لكن الملك الراحل محمد الخامس. عاد ليغض الطرف عنها باعتبار حلم التخطيط لإحداث المغرب الكبير لكل المغاربيين. كما يتذكر ما تعرض له من بهدلة واعتقال من طرف الجيش المغربي خلال معركة أمغالا الأولى سنة 1976. ولم يخلصه من الاعتقال سوى توسل محمد ابراهيم بوخروبة (الهواري بومدين) إلى الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، واستعطافه. ليتدخل لدى المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني. ويطلق سراح شنقريحة وباقي الجنود الجزائريين. وقدم الرئيس الجزائري حينها وعدا بأن الجزائر لن تساند مرتزقة البوليساريو بعد ذلك التاريخ. لكن النظام الكرغولي نكث وعده.

ككل شهر أكتوبر يصاب الشنقريحة بنوبة عصبية ويدخل في حالة هيجان هستيرية محاولا الاقتصاص من المغرب والمغاربة. لكن دون جدوى..

يسارع النظام الجزائري إلى تدبير كمائن ومكائد، محاولة منه لضرب تاريخ المغرب و تراثه. حيث يستغل النظام ما يسمونه بذكرى الاستقلال الوهمي للشعب الجزائري.  

لعرقلة مسار تسوية ملف الصحراء المغربية بين أروقة مجلس هيئة الأمم المتحدة. يكثف من مناوراته المعهودة المشحونة بالعداء للمغرب، مع أنظمة الدول التي يستأجرها بغاز ونفط الشعب الجزائري، محاولا صنع أدلة وقرائن واهية لإقناع أعضاء المجلس الأممي، ومبعوثه الخاص.. وأمينه العام. بأحداث ووقائع وحقائق من صنع خيال قادته. وككل مرة يقف العالم على هراء هذا النظام. ويزداد تأكيدا على أنه نظام (عصابات إجرامية) جاثم على قلوب وعقول الجزائريين، يوظف ثرواتهم في مخططاته الإرهابية، ويقيد طموحاتهم وأحلامهم.     

لكن مساعيه الزائفة من أجل دعم كيان وهمي من صنعه، ومحاولة ضرب وحدة المملكة المغربية، ما تلبث أن تتحول إلى سراب. ينتهي بانبطاح وسقوط كل من يقودها أو يدعمها، سواء كان مسؤولا جزائريا، أو مأجورا من داخل أو خارج المجلس الأممي.

يسقطون تباعا داخل (مثلث بيرمودا) القائم والمشكل من طرف المملكة المغربية. حيث رؤوس الدبلوماسية الرسمية المغربية الممثلة في شخص الملك محمد السادس رأس الزاوية القائمة، ومساعديه ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي. وعمر هلال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك. 

الأكيد أنه لا يمكن لداعمي مرتزقة بوليساريو، والمنتفعين من المساعدات المالية الدولية والجزائرية، أن يتقبلوا بكل روح رياضية وسياسية إفلاس أطروحة الانفصال التي عاشوا يترافعون من أجلها. ولا يمكن أن يتقبلوا تبخر وهم تقرير المصير الذي ما فتئوا يطالبون به. تأكد فشلهم في إخراج مشروع وهم دويلة، كلفت بعض الأنظمة تجويع شعوبها لعدة عقود، كالجزائر وجنوب إفريقيا وايران .. ولازالت تكلف جارة السوء المال والتدلل، على حساب شعبها المقهور. 

يمر النظام الجزائري بفترة يأس وإحباط، جعلته يدخل في مرحلة (الخبط بعشوائية). يسعى جاهدا لترسيخ الكراهية بين الشعبين الشقيقين. تارة بدس جنود مدنيين وسط جماهير الرياضية والتهجم على الرياضيين المغاربة. وتارة بالضغط على نجوم الرياضة والفن والمثقفين والأدباء وغيرهم.. بوقف التعامل مع نظرائهم المغاربة.

للأسف تستمر معاناة الشعب الجزائري مع نظام مستبد. تسبب في عزل الجزائر. نظام الجزائر «الجار.. الجائر» لا يتردد في تجويع شعبه وتبذير ثرواته في سبيل تسليح البوليساريو واحتضانه، وحمل شعار «الغاز والنفط بالمجان مقابل العداء للمغرب»، في محاولات يائسة لكسب الدعم العالمي، لا يتردد في دعم قيادات لقيطة وشعب مختطف.  

يسعى إلى إيجاد طرق لتمكينه من استغلال ثروات الصحراء المغربية، كما سبق واقتص من التراب المغربي، منطقتي تندوف والشارة. بعدما علم بمناجم الحديد المتواجدة في باطنها. وقد سجل التاريخ بأقلام مملوءة بسيول بشرية «دماء ودموع وعرق»، جرائم حرب الرمال المفتعلة. والتي أبرزت بسالة المغاربة وأخلاقهم السامية. وبعدها جريمة طرد آلاف المغاربة المقيمين داخل الجزائر. والاستحواذ على ممتلكاتهم. وتشريد آلاف الأسر المغربية والمختلطة «تزاوج وتناسل مغاربة وجزائريين».